١٩٩٩ - يَجِبُ الِاحْتِرَازُ مِن تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِينَ بِالذُّنُوب وَالْخَطَايَا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ بِدْعَةٍ ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ، فَكَفَّرَ أَهْلُهَا الْمُسْلِمِينَ، وَاسْتَحلُّوا دِمَاءَهُم وَأَمْوَالَهُمْ، وَقَد ثَبَتَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أحَادِيثُ صَحِيحَةٌ فِي ذَمِّهِمْ وَالْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ - رضي الله عنه -: صَحَّ فِيهِمُ الْحَدِيثُ مِن عَشَرَةِ أَوْجُهٍ، وَلهَذَا قَد أَخْرَجَهَا مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ"، وَأَفْرَدَ الْبُخَارِيُّ قِطْعَةً مِنْهَا، وَهُم مَعَ هَذَا الذَّمِّ إنَّمَا قَصَدُوا اتِّبَاعَ الْقُرْآنِ! ١٣/ ٣١
٢٠٠٠ - التَّرْجِيحُ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِيَارِ، بِحَيْثُ إذَا تَكَافَأَتْ عِنْدَه الْأَدِلَّةُ يُرَجِّحُ بِمُجَرَّدِ إرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ (١)، لَيْسَ قَوْلَ أَحَدٍ مِن أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ.
وَلَكِنْ قَالَهُ طَائِفَة مِن الْفُقَهَاءِ فِي الْعَامِّيِّ الْمُسْتَفْتِي: إنَّهُ يُخَيَّر بَيْنَ الْمُفْتِينَ الْمُخْتَلِفِينَ.
وَهَذَا كَمَا أَنَّ طَائِفَةً مِن السَّالِكِينَ إذَا اسْتَوَى عِنْدَهُ الْأَمْرَانِ فِي الشَّرِيعَةِ رَجَّحَ بِمُجَرَّدِ ذَوْقِهِ وَإِرَادَتِهِ.
فَالتَّرْجِيحُ بِمُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ الَّتِي لَا تَسْتَنِدُ إلَى أَمْرٍ عِلْمِيٍّ بَاطِنٍ وَلَا ظَاهِرٍ لَا يَقولُ بِهِ أَحَدٌ مِن أَئِمَّةِ الْعِلْمِ وَالزُّهْدِ.
لَكِنْ قَد يُقَالُ: الْقَلْبُ الْمَعْفورُ بِالتَّقْوَى إذَا رَجَّحَ بِإِرَادَتِهِ فَهُوَ تَرْجِيحٌ شَرْعِيٌّ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَيْسَ مِن هَذَا، فَمَن غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ إرَادَةُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَبُغْضُ مَا يَكْرَهُهُ اللهُ إذَا لَمْ يَدْرِ فِي الْأَمْرِ الْمُعَيَّنِ هَل هُوَ مَحْبُوبٌ للهِ أَو مَكْرُوهٌ وَرَأَى قَلْبَهُ يُحِبُّهُ أَو يَكْرَهُهُ كَانَ هَذَا تَرْجِيحًا عِنْدَهُ.
كَمَا لَو أَخْبَرَهُ مَن صِدْقُهُ أَغْلَبُ مِن كَذِبِهِ، فَإِنَّ التَّرْجِيحَ بِخَبَرِ هَذَا عِنْدَ انْسِدَادِ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ تَرْجِيحٌ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ.
(١) وهذا يكثر عند العامة، حيث إذا سمعوا أنّ المسألة فيها قولان، أخذوا ما يُناسبهم ويُوافق أهواءهم، وهذا لا يجوز، بل يجب عليهم الرجوع لقول عالم يثقون به.