وَمَن اتَّبَعَ هَوَاهُ وَقَصَّرَ فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَتَكَلَّمَ بِلَا عَلَمٍ: فَهُوَ عَاصٍ مُذْنِبٌ.
ثُمَّ قَد يَكُونُ فَاسِقًا، وَقَد تَكُونُ لَهُ حَسَنَاتٌ تَرْجَحُ عَلَى سَيِّئاتِهِ.
فَالتَّكْفِيرُ يَخْتَلِفُ بِحَسَب اخْتِلَافِ حَالِ الشَّخْصِ، فَلَيْسَ كُلُّ مُخْطِئٍ، وَلَا مُبْتَدعٍ، وَلَا جَاهِلٍ، وَلَا ضَالٍّ: يَكُونُ كَافِرًا؛ بَل وَلَا فَاسِقَا؛ بَل وَلَا عاصِيًا. ١٢/ ١٨٠
٢٠١١ - يُسْتَفَادُ مِن قَوْلِ كُلِّ طَائِفَةٍ (١) بَيَانُ فَسَادِ قَوْلِ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى، فَيَعْرِفُ الطَّالِبُ فَسَادَ تِلْكَ الْأَقْوَالِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ دَاعِيًا لَهُ إلَى طَلَبِ الْحَقِّ، وَلَا تَجِدُ الْحَقَّ إلَّا مُوَافِقًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-، وَلَا تَجِدُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ إلَّا مُوَافِقًا لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ، فَيَكُونُ مِمَن لَهُ قَلْبٌ أَو أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ، وَمِمَن لَهُ قَلْبٌ يَعْقِلُ بِهِ، وَأُذُن يَسْمَعُ بِهَا، بِخِلَافِ الَّذِينَ قَالُوا: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (١٠)} الملك: ١٠. ١٢/ ٣١٤
٢٠١٢ - كَثُرَ مِن الْمُتَأَخِّرِينَ مُخَالَفَةُ الْكتَابِ وَالسّنَّةِ مَا لَمْ يَكُن مِثْلُ هَذَا فِي السَّلَفِ.
وَإِن كَانُوا مَعَ هَذَا مُجْتَهِدِينَ مَعْذُورِينَ، يَغْفِرُ اللهُ لَهُم خَطَايَاهُمْ، وَيُثِيبُهُم عَلَى اجْتِهَادِهِمْ.
وَقَد يَكُونُ لَهُم مِن الْحَسَنَاتِ مَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ مِنْهُم أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؛ لِأَنَّهُم كَانُوا يَجِدُونَ مَن يُعِينُهُم عَلَى ذَلِكَ وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ لَمْ يَجِدُوا مَن يُعِينُهُم عَلَى ذَلِكَ.
لَكِنَّ تَضْعِيفَ الْأَجْرِ لَهُم فِي أُمُورٍ لَمْ يُضَعَّفْ لِلصَّحَابَةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِن الصَّحَابَةِ، وَلَا يَكُون فَاضِلُهُم كَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ. ١٣/ ٦٥
٢٠١٣ - قَوْله تَعَالَى فِي هَذِهِ: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} النساء: ١٥٧ هُوَ ذَمٌّ لَهُم عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ بِلَا عِلْمٍ.
(١) الَّذِينَ أقْوَالُهُمْ بَاطِلَةٌ.