٢٠٢٣ - اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ فِي مَسَائِلَ تَنَازَعُوا فِيهَا: عَلَى إقْرَارِ كُلِّ فَرِيقٍ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ عَلَى الْعَمَلِ بِاجْتِهَادِهِمْ؛ كَمَسَائِلَ فِي الْعِبَادَاتِ والمناكح وَالْمَوَارِيثِ وَالْعَطَاءِ وَالسّيَاسَةِ (١) وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهُم الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ ثَبَتَ بِالنُّصُوصِ أَنَّهُم لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى بَاطِلٍ وَلَا ضَلَالَةٍ، وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى وُجُوبِ مُتَابَعَتِهِمْ.
وَتَنَازَعُوا فِي مَسَائِلَ عِلْمِيَّةٍ اعْتِقَادِيَّةٍ؛ كَسَمَاعِ الْمَيِّتِ صَوْتَ الْحَيِّ، وَتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ، وَرُؤيةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ربَّهُ قَبْلَ الْمَوْتِ، مَعَ بَقَاءِ الْجَمَاعَةِ وَالْأُلْفَةِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْهَا مَا أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ خَطَأٌ قَطْعًا. ١٩/ ١٢٢ - ١٢٣
٢٠٢٤ - يَسُوغُ بَل يَجِبُ أَنْ نُبَيِّنَ الْحَقَّ الَّذِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَإِن كَانَ فِيهِ بَيَانُ خَطَأِ مَن أَخْطَأَ مِن الْعُلَمَاءِ وَالْأُمَرَاءِ. ١٩/ ١٢٣
٢٠٢٥ - تَنَازَعَ أَصْحَابُنَا فِيمَن لَمْ يُصِبِ الْحُكْمَ الْبَاطِنَ: هَل يُقَالُ: إنَّهُ مُصِيبٌ فِي الظَّاهِرِ؟ التَّحْقِيقُ: أَنَّهُ اجْتَهَدَ الِاجْتِهَادَ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُصِيبٌ مِن هَذَا الْوَجْهِ مِن جِهَةِ الْمَأْمُورِ الْمَقْدُورِ، وَإِن لَمْ يَكُن مُصِيبًا مِن جِهَةِ إدْرَاكِ الْمَطْلُوبِ وَفِعْل الْمَأْمُورِ الْمُطْلَقِ. ١٩/ ١٢٥
٢٠٢٦ - الْمُجْتَهِدُ الْمُسْتَدِلُّ مِن إمَامٍ وَحَاكِمٍ وَعَالِمٍ وَنَاظِرٍ وَمُفْتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ: إذَا اجْتَهَدَ وَاسْتَدَلَّ فَاتَّقَى اللهَ مَا اسْتَطَاعَ كَانَ هَذَا هُوَ الَّذِي كَلَّفَهُ اللهُ إيَّاهُ، وَهُوَ مُطِيعٌ للهِ مُسْتَحِقٌّ لِلثَّوَابِ إذَا اتَّقَاهُ مَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يُعَاقِبُهُ اللهُ أَلْبَتَّةَ، وَهُوَ
(١) تأمل قوله: والسياسة؛ أي: أنّ الصحابة -رضي الله عنهم- اختلفوا فيما بينهم في أمورٍ سياسية، ووجهاتِ نظرٍ حول بعض الحكام أو الوزراء، فبعضهم رفض بيعة الأمير، وآخر يخرج عليه بالسيف كما فعل الحسين -رضي الله عنه-، وكما فعل الذين خرجوا على الحجاج وفيهم أفاضل التابعين، ومع ذلك لم يُجرحهم علماء ومشايخ ذلك الزمان، ولم يستبيحوا أعراضهم، بل دامت بينهم الألفة، واعتذروا لأفعالهم، واستغفر بعضهم لبعض.