ب- أَو مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَيِّ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الأنعام: ١٦٤ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَأَنَّ ذَلِكَ يُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ الرَّاوِي؛ لِأَنَّ السَّمْعَ يَغْلَطُ كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ طَائِفَة مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.
ج- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَسْمَعُ خِطَابَ الْحَيِّ؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ قَوْلَهُ: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الروم: ٥٢ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.
د- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ لَا يَعْجَبُ كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ شريح؛ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْعَجَبَ إنَّمَا يَكُونُ مِن جَهْلِ السَّبَبِ، وَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْجَهْلِ.
هـ- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ؛ لِاعْتِقَادِهِ صِحَّةَ حَدِيثِ الطَّيْرِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: اللَّهُمَّ ائْتِنِي بِأَحَبِّ الْخَلْقِ إلَيْك يَأْكُلُ مَعِي مِن هَذَا الطَّائِرِ.
و- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ مَن جَسَّ لِلْعَدُوِّ وَأَعْلَمَهُم بِغَزْوِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَهُوَ مُنَافِقٌ، كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ عُمَرُ فِي حَاطِبٍ.
ز- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ مَن غَضِبَ لِبَعْضِ الْمُنَافِقِينَ غَضْبَةً فَهُوَ مُنَافِقٌ؛ كَمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ أسيد بْنُ حضير فِي سَعْدِ بْنِ عبادة.
ح- أَو اعْتَقَدَ أَنَّ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ أَو الْآيَاتِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ بِالنَّقْلِ الثَّابِتِ، كَمَا نُقِلَ عَن غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ أنَّهُم أَنْكَرُوا أَلْفَاظًا مِنَ الْقُرْآنِ؛ كَإِنْكَارِ بَعْضِهِمْ: {وَقَضَى رَبُّكَ} الإسراء: ٢٣ وَقَالَ: إنَّمَا هِيَ وَوَصَّى رَبُّك.
ط- وَكَمَا أَنْكَرَ طَائِفَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ اللهَ يُرِيدُ الْمَعَاصِيَ؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ اللهَ يُحِبُّ ذَلِكَ وَيَرْضَاهُ وَيأمُرُ بِهِ، وَأَنْكَرَ طَائِفَة مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّ اللهَ يُرِيدُ الْمَعَاصِيَ؛ لِكَوْنِهِمْ ظَنُّوا أَنَّ الْإِرَادَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بِمَعْنَى الْمَشِيئَةِ لِخَلْقِهَا، وَقَد عَلِمُوا أَنَّ اللهَ خَالِقُ كُلّ شَيءٍ، وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وَالْقُرْآنُ قَد جَاءَ بِلَفْظِ الْإِرَادَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى وَبِهَذَا الْمَعْنَى، لَكِنَّ كُلَّ طَائِفَةٍ عَرَفَتْ أَحَدَ الْمَعْنييْنِ وَأَنْكَرَت الْآخَرَ. ٢٠/ ٣٣ - ٣٦