٢٠٤٣ - الْمَسَائِلُ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا النِّزَاعُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِصِفَاتِ الْعِبَادَاتِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ:
مِنْهَا: مَا ثَبَتَ عن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ سَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِن الْأَمْرَيْنِ، وَاتَّفَقَت الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ مَن فَعَلَ أَحَدَهُمَا لَمْ يَأْثَمْ بِذَلِكَ، لَكِنْ قَد يَتَنَازَعُونَ فِي الْأَفْضَلِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقِرَاءَاتِ الثَّابِتَةِ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الَّتِي اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى جَوَازِ الْقِرَاءَةِ بِأَيِّ قِرَاءَةٍ شَاءَ مِنْهَا؛ كَالْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَهَذِهِ يَقْرَأُ الْمُسْلِمُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا وَإِن اخْتَارَ بَعْضَهَا لِسَبَبٍ مِن الْأَسْبَابِ.
وَمِن هَذَا الْبَابِ الِاسْتِفْتَاحَاتُ الْمَنْقُولَةُ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-.
الْقِسْمُ الثانِي: مَا اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إذَا فَعَلَ كُلًّا مِن الْأَمْرَيْنِ كَانَت عِبَادَتُهُ صَحِيحَة وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ، لَكِنْ يَتَنَازَعُونَ فِي الْأَفْضَلِ وَفِيمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُهُ، وَمَسْأَلَةُ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ وَصِفَةُ الِاسْتِعَاذَةِ وَنَحْوُهَا مِن هَذَا الْبَابِ.
وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا قَد ثَبَتَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ أَنَّهُ سَنَّ الْأَمْرَيْنِ، لَكِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَرَّمَ أَحَدَ النَّوْعَيْنِ أَو كَرِهَهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ أَو تَأَوَّلَ الْحَدِيثَ تَأْوِيلًا ضَعِيفًا.
وَالصَّوَابُ فِي مِثْل هَذَا: أَنَّ كُلَّ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِأمَّتِهِ فَهُوَ مَسْنُونٌ، لَا يُنْهَى عَن شَيْءٍ مِنْهُ وَإِن كَانَ بَعْضُهُ أَفْضَلَ مِن ذَلِكَ، فَمِن ذَلِكَ أَنْوَاعُ التَّشَهُّدَاتِ.
وَأمّا الْقِسْمُ الرَّابعُ: فَهُوَ مِمَّا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ: فَأَوْجَبَ أَحَدُهُم شَيْئًا أَو اسْتَحَبَّهُ وَحَرَّمَهُ الْآخَرُ، وَالسُّنَّةُ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، لَمْ تُسَوِّغْهُمَا جَمِيعًا، فَهَذَا هُوَ أَشْكَل الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ.
وَأمَّا الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فَالسُّنَّةُ قَد سَوَّغَت الْأَمْرَيْنِ.
وَهَذَا مِثْلُ تَنَازُعِهِمْ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ حَالَ الْجَهْرِ. ٢٢/ ٢٦٥ - ٢٩٤