فَأَصْحَابُ الِاجْتِهَادِ وَإِن عُذِرُوا وَعُرِفَتْ مَرَاتِبُهُم مِنَ الْعِلْمِ وَالدّينِ: فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مَا تبَيَّنَ مِنَ السُّنَّةِ وَالْهَدْيِ لِأَجْلِ تَأْوِيلِهِمْ. ٢١/ ٦٤
* * *
التمذهب والتقليد
٢٠٩٧ - أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ نَهَى عَن تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِن الْعُلَمَاءِ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ؛ فَإِنَّهُم لَنْ يَسْلَمُوا أَنْ يَغْلَطُوا، وَقَالَ: لَا تُقَلِّدْنِي وَلَا مَالِكًا وَلَا الثَّوْرِيَّ وَلَا الشَّافِعِيَّ.
وَقَد جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى سَنَنِ غَيْرِهِ مِن الْأَئِمَّةِ، فَكلُّهُم نَهَوْا عَن تَقْلِيدِهِمْ، كَمَا نَهَى الشَّافِعِيُّ عَن تَقْلِيدِهِ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِن الْعُلَمَاءِ، فَكَيْفَ يُقَلَّدُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي أُصُولِ الدِّينِ؟ (١). ٦/ ٢١٥ - ٢١٦
٢٠٩٨ - أما قول القائل: لا أتقيد بأحد هؤلاء الأئمة الأربعة:
- إن أراد أنه لا يتقيد بواحد بعينه دون الباقين فقد أحسن؛ بل هو الصواب من القولين.
- وإن أراد: أني لا أتقيد بها كلها؛ بل أخالفها فهو مخطئ في الغالب قطعًا؛ إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة.
ولكن تنازع الناس: هل يخرج عنها في بعض المسائل؟ على قولين (٢).
وكثيرًا ما يترجح قول من الأقوال يظن الظَّانّ أنه خارج عنها ويكون داخلًا فيها.
لكن لا ريب أن الله لم يأمر الأمة باتباع أربعة أشخاص دون غيرهم.
هذا لا يقوله عالم، وإنما هذا كما يقال: أحاديث البخاري ومسلم؛ فإن
(١) كلام الشيخ ظاهر في أنه لا يرى بأسًا في تقسيم الدين إلى أصول وفروع.
(٢) أصوبها: أنه يجوز الخروج عنها، كما هو قول شيخ الإسلام وغيره من الأئمة المحققين عليهم رحمةُ الله.