جاحد الأحكام الظاهرة المجمع عليها وإن كان عاميًّا، دون الخفية، فما فرق بينهما في التكفير فرق في التقليد.
وكذلك أيضًا منع التقليد في جميع مسائل الأصول فيه نظر؛ بل الحق ما ذكره القاضي وابن عقيل أن المنع في التوحيد والرسالة فإنهما ركنا الإسلام، وفاتحة الدعوة وعاصمة الدم، ومناط النجاة والفوز.
فأما تكليف عموم الناس دَرْك دقائق المسائل الأصولية بالدليل: فهو قريب من تكليفهم ذلك في الفروع.
قال شيخنا: وكذلك قال أبو الخطاب: الذي لا يسوغ التقليد فيها هو معرفة الله ووحدانيته، ومعرفة صحة الرسالة، وذكر أن الأدلة على هذه الأصول الثلاثة يعرفه كل أحد بعقله وعلمه، وإن لم يقدر العامي على أن يعبر عنه (١). المستدرك ٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥
* * *
هل يخير المقلد في المجتهدين؟
٢١٠٥ - مسألة: للعامي أن يقدد في الفروع أي المجتهدين شاء، ولا يلزمه أن يجتهد في أعيان المجتهدين في قول القاضي وأبي الخطاب وجماعة من الفقهاء.
وقال ابن عقيل: لا يتخير؛ بل يلزمه الاجتهاد في أعيان المفتين الأدين والأورع، ومن يُشار إليه أنه أعلم، وقال: ذكره أحمد، ولم يحك في المذهب فيه خلافًا (٢). المستدرك ٢/ ٢٥٥
* * *
(١) أي: أن العامي لا يستطيع ذكر الأدلة التفصيلية على المسائل العقدية والتوحيد، ولكنه مُوقن بأنه أخذها من الكتاب والسُّنَّة، ولا يُسلم بأنه يقلد أحدًا في ذلك.
(٢) وهذا هو الأقرب.