وَهَذَا الْأَصْلُ الْعَظِيمُ: وَهُوَ الِاعْتِصَامُ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا، وَأَنْ لَا نَتَفَرَّقَ (١): هُوَ مِن أَعْظَمِ أصُولِ الْإِسْلَامِ، وَمِمَّا عَظُمَتْ وَصِيَّةُ اللهِ تَعَالَى بِهِ فِي كِتَابِهِ، وَمِمَّا عَظُمَ ذَمُّهُ لِمَن تَرَكَهُ مِن أَهْلِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِمْ، وَمِمَّا عَظُمَتْ بِهِ وَصِيَّةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي مَوَاطِن عَامَّةٍ وَخَاصَّةٍ؛ مِثْل قَوْلِهِ: "عَلَيْكمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ يَدَ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ".
وَبَابُ الْفَسَادِ الَّذِي وَقَعَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ بَل وَفِي غَيْرِهَا: هُوَ التَّفَرُّقُ وَالِاختِلَافُ. ٢٢/ ٣٥٦ - ٣٦٠
وعَامَّةُ هَذه التَّنَازُعَاتِ إنَّمَا هِيَ فِي أُمُورٍ مُسْتَحَبَّاتٍ وَمَكْرُوهَاتٍ لَا فِي وَاجِبَاتٍ وَمُحَرَّمَاتٍ. ٢٢/ ٣٦٨
٢١١٥ - إِنَّ الِاعْتِصَامَ بِالْجَمَاعَةِ والائتلاف مِن أُصُولِ الدِّينِ، وَالْفَرْعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِن الْفُرُوعِ الْخَفِيَّةِ، فَكَيْفَ يُقْدَحُ فِي الْأَصْلِ بِحِفْظِ الْفَرْعِ؟!
وَجمْهُورُ الْمُتَعَصِّبِينَ لَا يَعْرِفُونَ مِن الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ إلَّا مَا شَاءَ اللهُ؛ بَل يَتَمَسَّكُونَ بِأَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، أَو آرَاءٍ فَاسِدَةٍ، أَو حِكَايَاتٍ عَن بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَالشُيُوخِ قَد تَكُونُ صِدْقًا وَقَد تَكُونُ كَذِبًا، وَإِن كَانَت صِدْقًا فَلَيْسَ صَاحِبُهَا مَعْصُومًا. ٢٢/ ٢٥٤ - ٢٥٥
٢١١٦ - إِنَّ التَّفَرُّقَ وَالِاخْتِلَافَ يَقُومُ فِيهِ مِن أَسْبَابِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ وَتَعْطِيلِ الْأَحْكَامِ مَا يَعْلَمُهُ مَن يَكُونُ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ الْعَارِفِينَ بِمَا جَاءَ مِن النُّصُوصِ فِي فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَالْإِسْلَامِ. ٢٧/ ٤٧٧
= الصالح في العقيدة وفهم الكتاب والسُّنَّة والأخلاق والتعامل، فمن ساءت أخلاقه وقسا على خصمه من أهل السُّنَّة فقد خرج عن منهج السلف الصالح في باب الأخلاق والتعامل، ولو زعم أنّه يذود عن السُّنَّة ومنهج السلف، فالذود عن السُّنَّة لا يكون بمخالفة السُّنَّة، والنصوص التي جاءت بالحث على الرفق واللين والأدب وحسن الخلق وطيب الكلام بلغت مبلغ التواتر، فبأي حجةٍ تُترك هذه النصوص؟
(١) في الأصل: (يَتَفَرَّقَ)، ولعل المثبت أصوب.