الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ؛ فَإِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَلَا نَبِيَّ
بَعْدَهُ، وَقَد جَمَعَ اللهُ فِي شَرِيعَتِهِ مَا فَرَّقَهُ في شَرَائِع مَن قَبْلَهُ مِن الْكَمَالِ؛ إذ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ، فَكَمُلَ بِهِ الْأمْرُ كَمَا كَمُلَ بِهِ الدِّينُ.
فَكِتَابُهُ أَفْضَل الْكُتبِ، وَشَرْعُهُ أَفْضَلُ الشَّرَائِعِ، وَمِنْهَاجُهُ أَفْضَلُ الْمَنَاهِجِ، وَأُمَّتُهُ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَقَد عَصَمَهَا الله عَلَى لِسَانِهِ فَلَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، وَلَكِنْ يَكُونُ عِنْدَ بَعْضِهَا مِن الْعِلْمِ وَالْفَهْمِ مَا لَيْسَ عِنْدَ بَعْضٍ، وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَد قَالَ تَعَالَى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} الأنبياء: ٧٨، ٧٩.
فَهَذَانِ نَبِيَّانِ كَرِيمَانِ حَكَمَا فِي قِصَّهٍ فَخَصَّ اللهُ أَحَدَهُمَا بِالْفَهْمِ، وَلَمْ يَعِب الْآخَرَ؛ بَل أَثْنَى عَلَيْهِمَا جَمِيعًا بِالْحُكْمِ وَالْعِلْمِ.
وَهَذَا حُكْمُ الْعُلَمَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ وَرَثَة الْأَنْبِيَاءِ، وَخُلَفَاء الرُّسُلِ الْعَامِلِينَ بِالْكِتَابِ.
وَهَذِهِ الْقَضِيَّةُ الَّتِي قَضَى فِيهَا دَاودُ وَسُلَيْمَانُ لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِيهَا وَمَا يُشْبِهُهَا أَيْضًا قَوْلَانِ:
أ- مِنْهُم مَن يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُد.
ب- وَمِنْهُم مَن يَقْضِي بِقَضَاءِ سُلَيْمَانَ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَكَثِيرٌ مِن الْعُلَمَاءِ أَو أَكْثَرُهُم لَا يَقُولُ بِهِ؛ بَل قَد لَا يَعْرِفُهُ! ٣٣/ ١٥٩
* * *
(لَفْظُ الشَّرْعِ له ثَلَاثَة مَعَانٍ)
٢١٢٤ - لَفْظُ الشَّرْعِ يُقَالُ فِي عُرْفِ النَّاسِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ:
الشَّرْعُ الْمُنَزَّلُ، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَهَذَا يَجِبُ اتِّبَاعُهُ، وَمَن خَالَفَهُ وَجَبَتْ عُقوبَتُهُ.