والمقارنة الْمَشْرُوطَة قد تفسر بِوُقُوع التَّكْبِير عقيب النِّيَّة، وَهَذَا مُمكن لَا صعوبة فِيهِ؛ بَل عَامَّة النَّاس هَكَذَا يصلونَ بل هَذَا أَمر ضَرُورِيّ، وَلَو كلفوا تَركه لعجزوا عَنهُ.
وَقد تفسر بانبساط أَجزَاء النِّيَّة على أَجزَاء التَّكْبِير بِحَيْثُ يكون أَولهَا مَعَ أوله وَآخِرهَا مَعَ آخِره، وَهَذَا لَا يَصح؛ لِأنَّهُ يَقْتَضِي عزوب النِّيَّة فِي أول الصَّلَاة وخلو أَولهَا عَن النِّيَّة الْوَاجِبَة.
وَقد تفسر بِحُضُور جَمِيع النِّيَّة مَعَ جَمِيع أجزَاء التَّكْبِير، وَهَذَا قد نوزع فِي إِمْكَانه، فَمنهمْ من قَالَ: إِنَّه غير مُمكن وَلَا مَقْدُور للبشر فضلًا عَن وُجُوبه، وَلَو قيل بإمكانه فَهُوَ متعسر جدًّا فَيسْقط بالحرج.
وَمِمَّا يبطل هَذَا وَالَّذِي قبله: أن المكبر يَنْبَغِي لَهُ أَن يتدبر التَّكْبِير ويتصوره فَيكون قلبه مَشْغُولًا بِمَعْنى التَّكْبِير لَا يشْغلهُ بِغَيْر ذَلِك من استحضار الْمَنوِي.
والجهر بهَا وتكريرها منهيٌّ عَنهُ، وفاعله مسيء، وَإِن اعتقده دينًا فقد خرج عَن إِجْمَاع الْمُسلمين، يُعَرَّف ذَلِك، فَإِن أصر قتل، وَيجب تَعْرِيفه ذَلِك.
وَلَو قَالَ: كل يعْمل فِي دينه مَا يَشْتَهِي فَهِيَ كلمة عَظِيمَة يجب أَن يُسْتَتَاب مِنْهَا أَيْضًا.
فَإِن أصر على الْجَهْر بِالنِّيَّةِ عزّر، وَإِن عزل عَن الْإِمَامَة إِذا لم ينْتَه كَانَ لعزله وَجه، فقد عزل النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - إِمَامًا لأجل بزاقه فِي الْقبْلَة، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
فَإِن الإِمَام عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي كَمَا كَانَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، لَيْسَ لَهُ أن يقْتَصر على مَا يقْتَصر عَلَيْهِ الْمُنْفَرد؛ بَل ينْهَى عَن التَّطْوِيل وَالتَّقْصِير، فَكيف إِذا أصر على مَا ينْهَى عَنهُ الإِمَام وَالْمَأْمُوم وَالْمُنْفَرد. مختصر الفتاوى المصريّة ٩ - ١٠