٢٢١٢ - اختلف العلماء في "الطهور" هل هو بمعنى "الطاهر" أم لا؟
وهذا النزاع معروف بين المتأخرين من أتباع الأئمة الأربعة.
قال كثير من أصحاب مالك وأحمد والشافعي: "الطهور" متعدٍّ، و "الطاهر" لازم.
وقال كثير من أصحاب أبي حنيفة: بل "الطاهر" هو "الطهور" وهو قول الخرقي.
وفصل الخطاب في المسألة: أن صيغة اللزوم والتعدي لفظ مجمل، يراد به اللزوم الظاهر والتعدي النحوي اللفظي، ويراد به التَّعدّي الفقهي.
فالأولُ أنْ يُرَادَ باللازم ما لم ينصب المفعول به، ويراد بالمتعدي ما نصب المفعول به (١)، فهذا لا تفرق العرب فيه بين "فاعل" و "فعول" في اللزوم والتعدّي.
وأما التعدي الحكمي الفقهي: فيراد به أنَّ الماء هو الذي يُتطهر به في رفع الحدث، بخلاف ما كان طاهرًا ولم يُتطهّر به كالأدهان والألبان (٢).
وعلى هذا: فلفظ "طاهر" في الشرع أعمّ من لفظ "طهور"، فكلّ طهور طاهر، وليس كل طاهر طهورًا.
وقد غلط الفريقان في ظنهم أن "طهورًا" معدولٌ عن "طاهر"، وإنما هو اسم لما يُتطهر به؛ فإن العرب تقول: طَهور، ووَجور لما يُتطهر به، ويُوجَر به.
وبالضم (٣): للفعل الذي هو مسمى المصدر، فطُهور صيغة مبينة لما يُفعل
(١) مثال الفعل اللازم: نام، قام، شبع، وهو لا ينصب مفعولًا به، وإذا أردت معرفة اللازم من المتعدي فضعه في سياق جملةٍ مفيدة، فإن احتاجت إلى مفعول به فالفعل متعد، وإن لم يحتج إلى مفعول به فهو لازم.
فإذا قلت: نام الرجل: تمت الجملة، وأما إذا قلت: ضَربَ محمدٌ: لم تتم الجملة حتى تأتي بالمفعول به.
(٢) ما بين المعقوفات من الاختيارات (٦).
(٣) أي: طُهور، بضم الطاء.