وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ: أَنَّهُ لَو وَقَعَ خَمْرٌ فِي مَاءٍ وَاسْتَحَالَتْ ثُمَّ شَرِبَهَا شَارِبٌ لَمْ يَكُن شَارِبًا لِلْخَمْرِ، وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدُّ الْخَمْرِ؛ إذ لَمْ يَبْقَ شَيءٌ مِن طَعْمِهَا وَلَوْنِهَا وَرِيحِهَا، وَلَو صُبَّ لَبَنُ امْرَأَةٍ فِي مَاءٍ وَاسْتَحَالَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ وَشَرِبَ طِفْلٌ ذَلِكَ الْمَاءَ: لَمْ يَصِر ابْنَهَا مِنَ الرِّضَاعَةِ بِذَلِكَ. ٢١/ ٣٠ - ٣٣
٢٢١٨ - النَّهْرُ الْجَارِي: إِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مُتَغَيِّرٌ بِنَجَاسَةٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَجِسًا، فَإِنْ خَالَطَهُ مَا يُغَيِّرُهُ مِن طَاهِرٍ وَنَجِسٍ وَشَكَّ فِي التَّغَيُّرِ: هَل هُوَ بِطَاهِرٍ أَو نَجِسٍ؟ لَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَتِهِ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ. ٢١/ ٣٦
٢٢١٩ - ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إنَّك تَتَوَضَّأُ مِن بِئْرِ بُضاعة، وَهِيَ بِئْرٌ تُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ، وَلُحُومُ الْكِلَاب، وَعُذَرُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: "الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ" وَبِئْرُ بضاعة وَاقِعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ، بَاقِيَةٌ إلَى الْيَوْمِ.
وَمَن قَالَ: إنَّهَا كَانَت جَارَيةً فَقَد أَخْطَأَ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ عَيْنٌ جَارِيَةٌ. ٢١/ ٣٧ - ٣٨
٢٢٢٠ - أَيُّ بِئْرٍ وَقَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ -كَلْبٌ أَو خِنْزِيرٌ أَو جَمَلٌ- أَو غَيْرُهُ: إنْ كَانَ الْمَاءُ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالنَّجَاسَةِ فَهُوَ طَاهِرٌ.
فَإِنْ كانت عَيْنُ النَّجَاسَةِ بَاقِيَةً نُزِحَتْ مِنْهُ وَأُلْقِيَتْ، وَسَائِرُ الْمَاءِ طَاهِرٌ.
وَشَعْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ إذَا بَقِيَ فِي الْمَاءِ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِمْ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَحْمَد، وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ الشَّعْرِ وَالرِّيشِ وَالْوَبَرِ وَالصُّوفِ طَاهِرٌ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى جِلْدِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَو جِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى حَيٍّ أَو مَيِّتٍ. ٢١/ ٣٨
وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ مِن تِلْكَ الْبِئْرِ الَّتِي يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ: فَكَيْفَ يُشْرَعُ لَنَا أَنْ نتَنَزَّهَ عَن أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟
وَقَد ثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَن يَتَنَزَّهُ عَمَّا يَفْعَلُهُ وَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ