وَاجِبٍ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْوُضُوءِ مِن مَسِّ الذَّكَرِ، ومَسِّ الْمَرْأَةِ لِشَهْوَةِ إنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ مِن ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي الْوُضُوءِ مِن الْقَهْقَهَةِ، ومِمَّا مَسَّت النَّارُ إنَّ الْوضُوءَ مِن ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ، فَمَن تَوَضَّأَ فَقَد أَحْسَنَ، وَمَن لَمْ يَتَوَضَّأْ فَلَا شَيءَ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ. ٢٥/ ٣٥٨
* * *
باب الآنية
٢٢٤٥ - الْمُضَبَّبُ بِالْفِضَّةِ مِنَ الْآنِيَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَاهَا مِنَ الْآلَاتِ -سَوَاءٌ سُمِّيَ الْوَاحِدُ مِن ذَلِكَ إنَاءً أَو لَمْ يُسَمَّ- وَمَا يَجْرِي مَجْرَى الْمُضَبَّبِ: إِنْ كَانَتِ الضَّبَّةُ يَسِيرَةً لِحَاجَةِ مِثْل تَشْعِيبِ الْقَدَحِ وَشُعَيْرَةِ السِّكِّينِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُبَاشَرُ بِالِاسْتِعْمَالِ: فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِالْحَاجَةِ هنا: أَنْ يَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى التَّشْعِيبِ وَالشُّعَيْرَةِ، سَوَاءٌ كَانَ مِن فِضَّةٍ أَو نُحَاسٍ أَو حَدِيدٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ مُرَادُهُم أَنْ يَحْتَاجَ إلَى كَوْنِهَا مِن فِضَّةٍ؛ بَل هَذَا يُسَمُّونَهُ فِي مِثْل هَذَا ضَرُورَةً، وَالضَّرُورَةُ تُبِيحُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُفْرَدًا وَتبَعًا.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْيَسِيرُ لِلزِّينَةِ فَفِيهِ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ.
وَلهَذَا كَرِهَ أي: الإمام أحمد حَلْقَة الذَّهَبِ فِي الْإِنَاءِ اتِّبَاعًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَوْلَى مَا اُتُّبعَ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مَا يُرْوَى عَنْهُ مَرْفُوعًا: "مِن شُرْبٍ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَو فِضَّةٍ أَو إنَاءٍ فِيهِ شَيءٌ مِن ذَلِكَ" (١): فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَلهَذَا كَانَ الْمُبَاحُ مِنَ الضَّبَّةِ إنَّمَا يُبَاحُ لَنَا اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
(١) قال الذهبي في ميزان الاعتدال (٤/ ٤٠٦): منكر. وقال الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (٤٢١٥): إسناده ضعيف وأصل الحديث صحيح.