وَالنَّوْعُ الثَّانِي: حَلْقُ الرَّأْسِ لِلْحَاجَةِ مِثْلُ أَنْ يَحْلِقَهُ لِلتَّدَاوِي، فَهَذَا أَيْضًا جَائِزٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: حَلْقُهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَبُّدِ وَالتَّدَيُّنِ وَالزُّهْدِ مِن غَيْرِ حَجِّ وَلَا عُمْرَةٍ؛ مِثْل مَا يَأْمُرُ بَعْضُ النَّاسِ التَّائِبَ إذَا تَابَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ، وَمِثْل أَنْ يُجْعَلَ حَلْقُ الرَّأسِ شِعَارَ أَهْلِ النُّسُكِ وَالدِّينِ.
فَهَذَا بِدْعَة لَمْ يَامُرِ اللّهُ بِهَا وَلَا رَسُولُهُ، وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً عِنْدَ أَحَدٍ مِن أئِمَّةِ الدِّينِ.
وَالنَّوْعُ الرَّابعُ: أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ فِي غَيْرِ النُّسُكِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ وَالتَّدَيُّنِ، فَهَذَا فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَكرُوهٌ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُبَاحٌ. ٢١/ ١١٦ - ١١٩
٢٢٧٦ - ليس حلق الرأس في غير نسك بسُنَّة ولا قربة باتفاق المسلمين.
وتنازعوا في كراهته، وكان ابن عمر -رضي الله عنهما- يعزر بحلق الرأس فإنه كان عند السلف مُثْلهٌ. المستدرك ٣/ ٢٧
٢٢٧٧ - قال ابن القيم رحمه الله: ويتعلق بالحلق مسألة القزع، وهي حلق بعض رأس الصبي وترك بعضه، وقال: أخرجاه في "الصحيحين" (١) من حديث عبد الله بن عمر عن عمر بن نافع عن أبيه، عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن القَزَعِ، والقَزَعُ أن يحلق بعض رأس الصبي ويدع بعضه".
قال شيخنا: وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه؛ لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيًا وبعضه عاريًا، ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل فإنه ظلم لبعض بدنه، ونظيره: نَهَى أن يمشي الرجل في نعل واحدة؛ بل إما أن ينعلهما أو يحفيهما. المستدرك ٣/ ٢٧ - ٢٨
(١) البخاري (٥٩٢٠)، ومسلم (٢١٢٠).