(بَابٌ: الْمَسْحُ عَلَى الْخفَّيْنِ) (١)
٢٣٠٥ - قالت طائفة: المسح على الخفين ناسخ للآية (٢) قاله الخطابي.
قال: وفيه دلالة على أنهم كانوا يرون نسخ القرآن بالسُّنَة، قال الطبري: مخصص.
وقالت طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب.
ومال إليه أبو العباس، وجميع ما يدعى من السُّنَّة أنه ناسخ للقرآن غلط.
وطائفة قالت كالشافعي وابن القصار ومال إليه أبو العباس أيضًا: أنَّ الآية قُرئت (٣) بالخفض والنصب، فيحمل النصب على غسل الرجلين والخفض على مسح الخفين فيكون القرآن كآيتين.
٢٣٠٦ - مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى مَا فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ.
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ إلَّا عَلَى مَا يَسْتُرُ جَمِيعَ مَحَلِّ الْغَسْلِ.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَهُوَ قِيَاسُ أَصْلِ أَحْمَد وَنُصُوصِهِ فِي الْعَفْوِ عَن يَسِيرِ الْعَوْرَةِ وَعَن يَسِيرِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
(١) الخف هو: حذاء من جلد، لا نعل له، بحيث تستطيع أن تمشي به.
وأما الجورب: فهو ما يُنسج من الصوف أو من القطن المتين أو من الكتان ونحو ذلك، ويفصل على قدر القدم، ويعرف في هذه الأزمنة بالشراب، هذا فيه خلاف هل يمسح عليه أو لا يمسح؟ فذهب إلى جواز المسح عليه الإمام أحمد، وخالف في ذلك الأئمة الثلاثة: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي فقالوا: لا يمسح عليه؛ وذلك لأنه يخرقه الماء، فلا يكون ساترًا للقدم، ولأنه يبين صورة القدم؛ أي: تعرف منه الأصابع والعقب والأخمص وظهر القدم، فكأنه لم يلبس عليه شيء يستره. يُنظر: شرح عمدة الأحكام للعلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (٣/ ٧).
(٢) يعني: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} المائدة: ٦.
(٣) في الأصل: (قرأت)، والتصويب من الاختيارات (١٣).