يُبَشِّرُ النَّاس بِفَتْحِ دِمَشْقَ وَمَسَحَ أُسْبُوعًا بِلَا خَلْعٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَصَبْت السُّنَةَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَلهَذَا لَو كَانَ جَرِيحًا وَأَمْكَنَهُ مَسْحُ جِرَاحِهِ بِالْمَاءِ دُونَ الْغَسْلِ: فَهَل يَمْسَحُ بِالْمَاءِ أَو يَتَيَمَّمُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَمَسْحُهُمَا بِالْمَاءِ أَصَحُّ.
الرَّابعُ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَسْتَوْعِبُهَا بِالْمَسْحِ كَمَا يَسْتَوْعِبُ الْجِلْد.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْجَبِيرَةَ يَمْسَحُ عَلَيْهَا وَإِن شَدَّهَا عَلَى حَدَثٍ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَمَن قَالَ: لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا لَبِسَهَا عَلَى طَهَارَةٍ: لَيْسَ مَعَهُ إلَّا قِيَاسُهَا عَلَى الْخُفَّيْنِ وَهُوَ قِيَاسٌ فَاسِدٌ؛ فَإِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا ثَابِتٌ مِن هَذ الْوُجُوهِ وَمَسْحُهَا كمَسْحِ الْجِلْدَةِ وَمَسْح الشَّعْرِ، لَيْسَ كَمَسْحِ الْخُفَّيْنِ، وَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَد مَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ، وَأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ عِنْدَهُ بِجِلْدَةِ الْإِنْسَانِ لَا بِالْخُفَّيْنِ وَفِي ذَلِكَ نِزَاعٌ؛ لِأَنَّ مِن أَصْحَابِهِ مَن يَجْعَلُهَا كَالْخُفَّيْنِ وَيَجْعَلُ الْبُرْءَ كَانْقِضاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ، فَيَقُولُ بِبُطْلَانِ طَهَارَةِ الْمَحَلِّ كَمَا قَالُوا فِي الْخُفِّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ: أَنَّهَا إذَا سَقَطَتْ سُقُوطَ بُرْءٍ كَانَ بِمَنْزِلَةِ حَلْقِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَبِمَنْزِلَةِ كَشْطِ الْجِلْدِ لَا يُوجِبُ إعَادَةَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ قَد مَسَحَ عَلَيْهَا مِنَ الْجَنَابَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجِبُ غَسْلُ الْمَحَلِّ وَلَا إعَادَةُ الْوُضُوءِ.
وَإِن قِيلَ: إنَّهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهَا مِنَ الْجَنَابَةِ حَتَّى يَشُدَّهَا عَلَى الطَّهَارَةِ: كَانَ هَذَا قَوْلًا بِلَا أَصْلٍ يُقَاسُ عَلَيْهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا. ٢١/ ١٧٦ - ١٨٢
٢٣٠٩ - قَوْلُهُ: وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَلْبَسَ الْجَمِيعَ (١) بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ إلَّا الْجَبِيرَةَ على إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إن كان الممسوح عليه غير جبيرة فالصحيح من المذهب: أنه يشترط لجواز المسح عليه كمال الطهارة قبل لبسه، وعليه
(١) أي: خُمُرُ النِّسَاءِ الْمُدَارَةُ تَحْتَ حُلُوقِهِنَّ، والْقَلَانِسُ،