فَأمَّا الشَهَادَتَانِ إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِمَا مَعَ الْقُدْرَةِ: فَهُوَ كَافِرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ كَافِرٌ بَاطِنًا وَظَاهِرًا عِنْدَ سَلَفِ الْأمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَجَمَاهِيرِ عُلَمَائِهَا.
وَأَمَّا الْفَرَائِضُ الْأَرْبَعُ:
- فَإذَا جَحَدَ وُجُوبَ شَىْءٍ مِنْهَا بَعْدَ بُلُوغِ الْحُجَّةِ: فَهُوَ كَافِرٌ.
- وَكَذَلِكَ مَن جَحَدَ تَحْرِيمَ شَيْءٍ مِن الْمُحَرَّمَاتِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِر تَحْرِيمُهَا؛ كَالْفَوَاحِشِ وَالظلْمِ وَالْكَذِبِ وَالْخَمْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
- وَأَمَّا مَن لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإسْلَامِ، أَو نَشَأَ بِبَادِيَة بَعِيدَةٍ لَمْ تَبْلُغْهُ فِيهَا شَرَائِعُ الْإِسْلَامِ وَنَحْو ذَلِكَ، أو غَلِطَ فَظَنَّ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يُسْتَثْنَوْنَ مِن تَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَمَا غَلِطَ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ استَابَهُم عُمَرُ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ: فَإنَّهُم يُسْتَتَابُونَ وَتقَامُ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، فَإنْ أَصَرُّوا كَفَرُوا حِينَئِذٍ، وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ؛ كَمَا لَمْ يَحْكُم الصَّحَابَةُ بِكُفْرِ قدامة بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا غَلِطُوا فِيمَا غَلِطُوا فِيهِ مِن التَّأوِيلِ.
- وَأَمَّا مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْوُجُوبِ إذَا تَرَكَ شَيْئًا مِن هَذِهِ الْأَرْكَانِ الْأرْبَعَةِ: فَفِي التَّكْفِيرِ أَقْوَالٌ لِلْعُلَمَاءِ هِيَ رِوَايَات عَن أَحْمَد.
وَهَذِهِ الْمَسْألَةُ لَهَا طَرَفَانِ:
أَحَدُهُمَا: فِي إثْبَاتِ الْكُفْرِ الظَّاهِرِ.
وَالثَّانِي: فِي إثْبَاتِ الْكفْرِ الْبَاطِنِ.
فَأَمَّا الطَّرَفُ الثَّانِي: فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ كَوْنِ الْإِيمَانِ قَوْلًا وَعَمَلًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَمِن الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا إيمَانًا ثَابتًا فِي قَلْبِهِ بأَنَّ اللهَ فَرَضَ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْحَجَّ، وَيَعِيشُ دَهْرَهُ لَا يَسْجُدُ للّهِ سَجْدَةً، وَلَا يَصُومُ مِن رَمَضَانَ، وَلَا يُؤَدِّي للهِ زَكَاةً، وَلَا يَحُجُّ إلَى بَيْتِهِ، فَهَذَا مُمْتَنِعٌ (١)، وَلَا
(١) وعلى هذا: فتارك جنس العمل كافر، ولا يجري فيه خلاف العلماء في ترك بعض الأعمال، كالصلاة ونحوها.