وَأَمَّا (١) إذَا اسْتَيْقَظَ آخِرَ الْوَقْتِ، وإن (٢) اشْتَغَلَ بِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ مِن الْبِئْرِ خَرَجَ الْوَقْتُ، أَو إنْ ذَهَبَ إلَى الْحَمَّامِ لِلْغُسْلِ خَرَجَ الْوَقْتُ: فَهَذَا يَغْتَسِلُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَمَالكٌ -رحمه الله- يَقُولُ: بَل يُصَلِّي بِالتَّيّمُّمِ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَقْتِ (٣).
وَالْجُمْهُورُ يَقُولُونَ: إذَا اسْتَيْقَظَ آخِرَ الْوَقْتِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مَأمُورٌ بِالصَّلَاةِ؛ فَالطَّهَارَةُ وَالْوَقْتُ فِي حَقِّهِ مِن حِينَ اسْتَيْقَظَ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُهُ فِعْلُ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَقَد قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن نَامَ عَن صَلَاةٍ أَو نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا" (٤).
فَالْوَقْتُ الْمَأُمُورُ بِالصَّلَاةِ فِيهِ فِي حَقِّ النَّائِمِ هُوَ إذَا اسْتَيْقَظَ لَا مَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي حَقِّ النَّاسِي إذَا ذَكَرَ. ٢١/ ٤٤٦ - ٤٤٧
٢٥٠١ - إِنَّ الْأصُولَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْإِخْلَالِ بِوَقْتِ الْعِبَادَةِ وَالْإخْلَالِ ببَعْضِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا: كَانَ الْإِخْلَالُ بِذَلِكَ أَوْلَى؛ كَالصَّلَاةِ فَإنَّ الْمُصَلِّيَ لَو أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِطَهَارَة وَسِتَارَةٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُجْتَنِبَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يُمْكنْهُ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ فَإنَّهُ يَفْعَلُهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُمْكِنِ وَلَا يَفْعَلُهَا قَبْلَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا يُؤَخِّرُ الْعِبَادَةَ عَنِ الْوَقْتِ بَل يَفْعَلُهَا فِيهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ لِلْمَعْذُورِ فِي الْجَمْعِ لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتَانِ: وَقْتٌ مُخْتَصٌّ لِأهْلِ الرَّفَاهِيَةِ، وَوَقْتٌ مُشْتَرَكٌ لِأَهْلِ الْأَعْذَارِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ صَلَّاهُمَا فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ لَمْ يُفَوّتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا قَدَّمَهَا عَلَى الْوَقْتِ الْمُجْزِئِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. ٢٦/ ٢٣٢
(١) هذه المسألة تختلف عن الأولى.
(٢) في الأصل: (أَو إن)، ولعل المثبتَ هو الصواب.
(٣) وقد رجح الشيخ قول الجمهور في مواضع أخرى (٢١/ ٤٦٩، ٢٢/ ٣٦).
(٤) مسلم (٦٨٤).