الْجُمُعَةِ: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} الجمعة: ١٠، وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} البقرة: ٢٠٠ مَعَ أَنَّ هَذَيْنِ يَفْعَلَانِ فِي الْوَقْتِ.
والْقَضَاءُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: هُوَ إكْمَالُ الشَّيْءِ وَإِتْمَامُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت: ١٢؛ أَيْ: أَكْمَلَهُنَّ وَأَتَمَّهُنَّ.
وَالنَّائِمُ وَالنَّاسِي إذَا صَلَّيَا وَقْتَ الذِّكْرِ وَالِانْتِبَاهِ فَقَد صَلَّيَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي أُمِرَا بِالصَّلَاةِ فِيهِ، وَإِن كَانَا قَد صَلَّيَا بَعْدَ خرُوجِ الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهِمَا.
فَمَن سَمَّى ذَلِكَ قَضَاءً بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى، وَكَانَ فِي لُغَتِهِ أَنَّ الْقَضَاءَ فِعْلُ الْعِبَادَةِ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ شَرْعًا لِلْعُمُومِ: فَهَذِهِ التَّسْمِيَةُ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ. ٢٢/ ٣٧ - ٣٨
٢٥٠٤ - مَن فَوَّتَهَا أي: الصلاة مُتَعَمِّدًا فَقَد أَتَى كَبِيرَةً مِن أَعْظَمِ الْكَبَائِرِ، وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَصِحُّ فِعْلُهَا قَضَاءً أَصْلًا.
وَمَعَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ لَا تَبْرأْ ذِمَّتُهُ مِن جَمِيعِ الْوَاجِبِ، وَلَا يَقْبَلُهَا اللّهُ مِنْهُ بِحَيْثُ يَرْتَفِعُ عَنْهُ الْعِقَابُ، ويسْتَوْجِبُ الثَّوَابَ؛ بَل يُخَفِّفُ عَنْهُ الْعَذَابَ بمَا فَعَلَهُ مِن الْقَضَاءِ، ويبْقَى عَلَيْهِ إثْمُ التَّفْوِيتِ .. قَالَ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥)} الماعون: ٤، ٥ وَتَأخِيرُهَا عَن وَقْتِهَا مِن السَّهْوِ عَنْهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. ٢٢/ ٣٩
٢٥٠٥ - تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَن غَيْرِ وَقْتِهَا الَّذِي يَجِبُ فِعْلُهَا فِيهِ عَمْدًا مِن الْكَبَائِرِ؛ بَل قَد قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: "الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِن غَيْرِ عُذْرٍ مِن الْكبَائِرِ" (١).
وَقَد رَوَاهُ التّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا عَن ابْنِ عَبَّاسٍ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "مَن جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاَتيْنِ مِن غَيْرِ عُذْرٍ فَقَد أَتَى بَابًا مِن أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ". وَرَفَعَ هَذَا إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِن كَانَ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَ التِّرْمِذِيَّ قَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ.
(١) تقدم تخريجه ص (١٧٩).