وَمَن زَعَمَ أَنَّ حِصَّةَ الْعِشَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْفَجْرِ فِي الشِّتَاءِ وَفِي الصَّيْفِ: فَقَد غَلِطَ غَلَطًا حِسِّيًّا بِاتِّفَاقِ النَّاسِ.
وَأَمَّا جَعْلُ هَذِهِ الْحِصةِ بِقَدْرِ هَذِهِ الْحِصَّةِ، وَأَنَّ الْفَجْرَ فِي الصَّيْفِ أَطْوَلُ، وَالْعِشَاءَ فِي الشِّتَاءِ أَطْوَلُ، وجَعْل الْفَجْر تَابِعًا لِلنَّهَارِ، يَطُولُ فِي الصَّيْفِ وَيَقْصُرُ فِي الشِّتَاءِ، وجَعْلُ الشَّفَق تَابِعًا لِلَّيْلِ يَقْصُرُ فِي الصَّيْفِ وَيَطُولُ فِي الشِّتَاءِ: فَهَذَا قَلْبُ الْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَالشَّرْعِ. ٢٢/ ٩٣ - ٩٤
٢٥١٠ - التَّغْلِيسُ أَفْضَلُ إذَا لَمْ يَكُن ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِي التَّأْخِيرَ، فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الْمُسْتَفِيضَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- تُبَيِّنُ أَنَّهُ كَانَ يُغَلِّسُ بِصَلَاةِ الْفَجْرِ .. كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَن أَبِي بَرْزَةَ الأسلمي: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِمَا بَيْنَ السِّتِّينَ آيَةً إلَى الْمِائَةِ وينْصَرِفُ مِنْهَا حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ (١).
وَهَذ الْقِرَاءَةُ هِيَ نَحْوُ نِصْفِ جُزْءٍ أَو ثُلُثِ جُزْءٍ، وَكَانَ فَرَاغُهُ مِن الصَّلَاةِ حِينَ يَعْرِفُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ.
وَأَمَّا إذَا أَخَّرَهَا لِسَبَب يَقْتَضِي التَّأُخِيرَ؛ مِثْل الْمُتَيَمِّم عَادَتُهُ إنَّمَا يُؤَخِّرُهَا لِيُصَلّيَ آخِرَ الْوَقْتِ بِوُضُوءِ، وَالْمُنْفَرِدُ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى يُصَلِّيَ آخِرَ الْوَقْتِ فِي جَمَاعَةٍ، أَو أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الصَّلَاةِ آخِرَ الْوَقْتِ قَائِمًا، وَفِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا يَقْدِرُ إلَّا قَاعِدًا، وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ فَضِيلَةٌ تَزِيدُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ: فَالتَأخِيرُ لِذَلِكَ أَفْضَلُ (٢). ٢٢/ ٩٥ - ٩٧
٢٥١١ - المسافر العادم للماء إذا علم أنه يجد الماء بعد الوقت فلا يجوز له التأخير إلى ما بعد الوقت، بَل يصلي بالتيمم في الوقت بلا نزاع.
(١) رواه البخاري (٧٧١)، ومسلم (٦٤٧).
(٢) مع أنّ الوضوء والصلاة جماعة والقيام من واجبات أو شروط الصلاة، ومع ذلك لا يجب على الإنسان أنْ ينتظر إلى آخر الوقت ليحصلها، بل من حين دخول الوقت فله أنْ يُصلي حسب حاله واسْتطاعته.