النية
٢٥٥٥ - مَحَلُّ النِّيَّةِ الْقَلْبُ دُونَ اللِّسَانِ بِاتّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ.
وَلَو تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِخِلَافِ مَا نَوَى فِي قَلْبِهِ كَانَ الِاعْتِبَارُ بِمَا نَوَى بِقَلْبِهِ لَا بِاللَّفْظِ، وَلَو تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ تَحْصُلِ النِّيَّةُ فِي قَلْبِهِ لَمْ يُجْزِئْ ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
فَإنَّ النِّيَّةَ هِيَ مِن جِنْسِ الْقَصْدِ؛ وَلهَذَا تَقُولُ الْعَرَبُ: نَوَاك اللهُ بِخَيْر؛ أَيْ: قَصَدَك بِخَيْر.
وَالنِّيَّةُ تَتْبَعُ الْعِلْمَ، فَمَن عَلِمَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، فَإِذَا عَلِمَ الْمُسْلِمُ أَنَّ غَدًا مِن رَمَضَانَ وَهُوَ مِمَن يَصُومُ رَمَضَانَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الصِّيَامَ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ غَدًا الْعِيدَ لَمْ يَنْوِ الصِّيَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ: فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الصَّلَاةَ الْقَائِمَةَ صَلَاةُ الْفَجْرِ أَو الظُّهْرِ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْفَجْر أَو الظُّهْرِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْوِي تِلْكَ الصَّلَاةَ، لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا الْفَجْرُ وينْوِي الظُّهْرَ.
فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُن يَقُولُ قَبْلَ التَّكْبِيرِ شَيْئًا، وَلَمْ يَكُن يَتَلَفَّظُ بِالنِّيَّةِ لَا فِي الطَّهَارَةِ وَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي الصيَام.
وَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ، إنَّمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ الْإِحْرَامَ بِالتَّلْبِيَةِ، وَشَرَعَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُلَبُّوا فِي أَوَّلِ الْحَجِّ.
بَل جَعَلَ التَّلْبِيَةَ فِي الْحَجِّ كَالتَّكْبِيرِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ: فُلَانٌ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، أَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، أَو أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا، كَمَا يُقَالُ: كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ.
وَالْإِهْلَالُ: رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، وَكَانَ يَقُولُ فِي تَلْبِيَتِهِ: "لَبَّيْكَ حَجًّا وَعُمْرَةً" يَنْوِي مَا يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَة بَعْدَ التَّلْبِيَةِ، لَا قَبْلَهَا.