فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ لَيْسَ لِطُولِ صَلَاتِهِ حَدٌّ تَكُونُ بِهِ الصَّلَاةُ خَفِيفَةً بِخِلَافِ الْإِمَامِ؛ لِأَجْلِ مُرَاعَاةِ الْمَأمُومِينَ، فَإِنَّ خَلْفَهُ السَّقِيمُ وَالْكَبِيرُ وَذُو الْحَاجَةِ؛ وَلهَذَا مَضَت السُّنَّةُ بِتَخْفِيفِهَا عَن الْإِطَالَةِ إذَا عَرَضَ لِلْمَأمُومِينَ أَو بَعْضِهِمْ عَارِضٌ. ٢٢/ ٥٩٦ - ٥٩٧
٢٥٩٠ - رَوَى مُسْلِمٌ عَن أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلَاةً مِن صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي تَمَامٍ، كَانَت صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مُتَقَارِبَةً، وَكَانَت صَلَاةُ أَبِي بَكْرٍ مُتَقَارِبَةً، فَلَمَّا كَان عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَدَّ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، إِذَا قَالَ: "سَمِعَ اللهُ لِمَن حَمِدَهُ" قَامَ، حَتَّى نَقُولَ قَد أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ قَد أَوْهَمَ.
فَقَوْلُ أَنَسٍ -رضي الله عنه-: "مَا صَلَّيْت وَرَاءَ إمَامٍ قَطُّ أَخَفَّ وَلَا أَتَمَّ صَلَاةً مِن رَسُولِ اللهِ ": يُرِيدُ أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ أَخَفَّ الْأَئِمَّةِ صَلَاةً وَأَتَمَّ الْأئِمَّةِ صَلَاةً، وَهَذَا لِاعْتِدَالِ صَلَاتِهِ وَتَنَاسُبِهَا.
كَمَا فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: "وَكَانَت صَلَاتُهُ مُعْتَدِلَةً"، وَفِي اللَّفْظِ الْآخَرِ: "وَكَانَت صَلَاتُهُ مُتَقَارِبَةً": لِتَخْفِيفِ قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا، وَتَكونُ أَتَمَّ صَلَاة لِإِطَالَةِ رُكُوعِهَا وَسجُودِهَا.
وَلَو أَرَادَ أَنْ يَكُونَ نَفْسُ الْفِعْلِ الْوَاحِدِ -كَالْقِيَامِ- هُوَ أَخَفَّ وَهُوَ أَتَمَّ لنَاقَضَ ذَلِكَ.
فَهَذِهِ أَحَادِيث أَنَسٍ الصَّحِيحَةُ تُصَرِّحُ أَنَّ صَلَاةَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- الَّتِي كَانَ يُوجِزُهَا ويُكَمِّلُهَا، وَاَلَّتِي كَانَت أَخَفَّ الصَّلَاةِ وَأَتَمَّهَا: أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُومُ فِيهَا مِن الرُّكُوعِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: إنَّهُ قَد نَسِيَ، وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَد نَسِيَ.
وإِذَا كَانَ فِي هَذَا يَفْعَلُ ذَلِكَ: فمِن الْمَعْلُومِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالسُّنَّةِ