٢٦٣١ - وأما الذِّكْرُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ فَكَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- هُوَ مِثْل مَسْحِ الْمِرْآةِ بَعْدَ صِقَالِهَا.
فَإِنَّ الصَّلَاةَ نُورٌ، فَهِيَ تَصْقُلُ الْقَلْبَ كَمَا تُصْقَلُ الْمِرْآةُ، ثُمَّ الذِّكْرُ بَعْدَ ذَلِكَ بمَنْزِلَةِ مَسْحِ الْمِرْآةِ، وَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)} الشرح: ٧، ٨ قِيلَ: إذَا فَرَغْت مِن أَشْغَالِ الدُّنْيَا فَانْصَبْ فِي الْعِبَادَةِ وَإِلَى رَبّك فَارْغَبْ، وَهَذَا أَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ.
مَعَ أَنَّ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧)}؛ أَيْ: فَرَغْت مِنَ الصَّلَاةِ قَوْلٌ ضَعِيفٌ.
فَعُلِمَ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِشَيْئَيْنِ:
أ- أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْعِبَادَةِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِن أَشْغَالِهِ.
ب- وَأَنْ تكونَ رَغْبَتُهُ إلَى رَبِّهِ لَا إلَى غَيْرِهِ. ٢٢/ ٤٩٥ - ٤٩٨
٢٦٣٢ - لَفْظُ "دُبُر الصَّلَاةِ":
أ- قَد يُرَادُ بِهِ آخِر جُزْءٍ مِنْهُ.
ب- وَقَد يُرَادُ بِهِ مَا يَلِي آخِرَ جُزْءٍ مِنْهُ.
كَمَا فِي دُبُرِ الْإنْسَانِ: فَإِنَّهُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْهُ.
وَمِثْلُهُ لَفْظُ "الْعَقِبِ" قَد يُرَادُ بِهِ الْجُزْء الْمُؤَخَّرَ مِنَ الشَّيءِ كَعَقِبِ الْإِنْسَانِ. وَقَد يُرَادُ بِهِ مَا يَلِي ذَلِكَ.
فَالدُّعَاءُ الْمَذْكُورُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ:
أ- إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ آخِر جُزْءٍ مِنْهَا لِيُوَافقَ بَقِيَّةَ الْأَحَادِيثِ.
ب- أَو يُرَادَ بِهِ مَا يَلِي آخِرَهَا، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ.
وَبِكُلِّ حَالٍ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ بِهِ مَا بَعْدَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ كَانَت قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشَرِّعَ سُنَّةً بِلَفْظٍ مُجْمَلٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ بِالْأَلْفَاظِ الصَّرِيحَةِ.