٢٦٣٥ - عَدُّ التَّسْبِيحِ بِالْأَصَابعِ سُنَّةٌ؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِلنِّسَاءِ: "سَبِّحْنَ وَاعْقِدْنَ بِالْأَصَابعِ فَإنَّهُنَّ مَسْؤُولَاتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ" (١).
وَأَمَّا عَدُّهُ بِالنَّوَى وَالْحَصَى وَنَحْوُ ذَلِكَ فَحَسَنٌ، وَكَانَ مِنَ الصَّحَابَةِ -رضي الله عنهم- مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَقَد رَأَى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُسَبِّحُ بِالْحَصَى وَأَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا التَّسْبِيحُ بِمَا يُجْعَلُ فِي نِظَامٍ مِنَ الْخَرَزِ وَنَحْوِهِ: فَمِنَ النَّاسِ مَن كَرِهَهُ وَمِنْهُم مَن لَمْ يَكْرَهْهُ.
وَإِذَا أُحْسِنَتْ فِيهِ النِّيَّة فَهُوَ حَسَنٌ غَيْرُ مَكرُوهٍ.
وَأَمَّا اتخَاذُهُ مِن غَيْرِ حَاجَةٍ، أَو إظْهَارُهُ لِلنَّاسِ مِثْلُ تَعْلِيقِهِ فِي الْعُنُقِ أَو جَعْلِهِ كَالسُّوَارِ فِي الْيَدِ أَو نَحْوِ ذَلِكَ فَهَذَا:
أ- إمَّا رِيَاءٌ لِلنَّاسِ.
ب- أَو مَظِنَّةُ الْمُرَاءَاةِ وَمُشَابَهَةِ الْمُرَائينَ مِن غَيْرِ حَاجَةٍ.
الْأَوَّلُ: مُحَرَّمٌ.
وَالثَّاني: أَقَلُّ أَحْوَالِهِ الْكَرَاهَةُ.
فَإِنَّ مُرَاءَاةَ النَّاسِ فِي الْعِبَادَاتِ الْمُخْتَصَّةِ (٢)؛ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِن أَعْظَمِ الذُّنُوبِ.
وَأَمَّا الْمُرَائِي بِنَوَافِلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالذِّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ: فَلَا يَظُنُّ الظَّانُّ أَنَّهُ يُكْتَفَى فِيهِ بِحُبُوطِ عَمَلِهِ فَقَطْ بِحَيْثُ يَكونُ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ؛ بَل هُوَ مُسْتَحِقّ لِلذَّمِّ وَالْعِقَابِ عَلَى قَصْدِهِ شُهْرَةَ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ، إذ هِيَ عِبَادَاتٌ
(١) رواه الترمذي (٣٥٨٣)، وقال الألباني في صحيح الترمذي: حسن صحيح.
(٢) لعل الصواب؛ (المحضة)، ولا معنى لكلمة: (مختصة)، بل المشهور من كلام الشيخ وغيره من العلماء إطلاق عبارة: "محضة وغير محضة" للعبادات والمصالح والمفاسد ونحوها، وقد أطلقها في مواضع لا تُحصى، ولم أر الشيخ استعمل "مختصة" في مثل ذلك.