وَالسُّجُودِ وَتَخْفِيفُ الْقِيَامِ - أَفْضَلُ مِن تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَحْدَهُ مَعَ تَخْفِيفِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
والنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بَيَّنَ أَنَّ طُولَ الْقُنُوتِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ (١)، وَهُوَ يَتَنَاوَلُ الْقُنُوتَ فِي حَالِ السُّجُودِ وَحَالِ الْقِيَامِ (٢).
وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهو أَنَّ (٣) تَطْوِيلَ الصَّلَاةِ قِيَامًا وَرُكُوعًا وَسُجُودًا أَوْلَى مِن تَكْثِيرِهَا قِيَامًا وَرُكُوغا وَسُجُودًا؛ لِأَنَّ طُولَ الْقُنُوتِ يَحْصُلُ بِتَطْوِيلِهَا لَا بِتَكْثِيرِهَا.
وَأَمَّا تَفْضِيلُ طُولِ الْقِيَامِ مَعَ تَخْفِيفِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى تَكْثِيرِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَغَلَطٌ (٤)؛ فَإِنَّ جِنْسَ السُّجُودِ أَفْضَلُ مِن جِنْسِ الْقِيَامِ مِن وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِن السُّجُودِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَلَاةٍ فِيهَا رُكُوعٌ لَا بُدَّ فِيهَا مِن سُجُودٍ، لَا يَسْقُطُ السُّجُودُ فِيهَا بِحَالٍ مِن الْأَحْوَالِ فَهُوَ عِمَادُ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا الْقِيَامُ فَيَسْقُطُ فِي التَّطَوَّعِ دَائِمًا، وَفِي الصَّلَاةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ، وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْقِيَامُ فِي الْفَرْضِ عَن الْمَرِيضِ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومُ إذَا صَلَّى إمَامُهُ جَالِسًا.
وَلهَذَا قَالُوا: مَا كَانَ عِبَادَةً بنَفْسِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى رُكْنٍ قَوْلِيٍّ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَمَا لَمْ يَكن عِبَادَةً بِنَفْسِهِ احْتَاجَ إلَى رُكْنٍ قَوْلِيٍّ كَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ.
(١) روى مسلم (٧٥٦)، عَن جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ".
(٢) وفيه ردّ على قول النووي رحمه الله: الْمُرَادُ بِالْقُنُوتِ هُنَا الْقِيَامُ بِاتِّفَاقِ العلماء فيما عَلِمْتُ. اهـ. شرح النووي لصحيح مسلم (٦/ ٣٦).
(٣) في الأصل: "وَأَنَّ"، ولعل المثبت أوضح وأصوب.
(٤) وهذا يفعله كثيرٌ من الأئمة في رمضان، فهم يُطيلون القيام ليختموا القرآن، لكنهم يخففون الركوع والسجود والاعتدال منهما.