الصَّحِيحَ أَنَّ مِثْل هَذَا جَائِزٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَد نَوَى الْإِمَامَةَ وَالْمُؤتَمُّ قَد نَوَى الِائْتِمَامَ.
فَإِنْ نَوَى الْمَأْمُومُ الِائْتِمَامَ، وَلَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ فَفِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ؛ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ رِوَايَة عَن أَحْمَد.
وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَن أَحْمَد.
وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ مُوتَمًّا فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَصَارَ مُنْفَرِدًا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، فَإِذَا ائتَمَّ بِهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ: صَارَ الْمُنْفَرِدُ إمَامًا، كَمَا صَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إمَامًا بِابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُنْفَرِدًا.
وَهَذَا يَصِحُّ فِي النَّفْلِ كَمَا جَاءَ فِي هَذَاْ الْحَدِيثِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَن أَحْمَد وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَإِن كَانَ قَد ذُكِرَ فِي مَذْهَبِهِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَنِزَاعٌ مَشْهُورٌ وَالصَّحِيحُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفْلِ (١). ٢٢/ ٢٥٧ - ٢٥٨
٢٧٣٦ - تَنَازَعُوا (٢) فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ مَا يَعْتَقِدُ الْمَأْمُومُ وُجُوبَهُ؛ مِثْل أَنْ يَتْرُكَ قِرَاءَةَ الْبَسْمَلَةِ وَالْمَأْمُومُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهَا، أَو يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَالْمَأْمُومُ يَرَى وُجُوبَ الْوُضُوءِ مِن ذَلِكَ، أَو يُصَلِّيَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ وَالْمَأْمُومُ يَرَى أَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُطَهِّرُ، أَو يَحْتَجِمَ وَلَا يَتَوَضَّأُ وَالْمَأْمُومُ يَرَى الْوُضُوءَ مِنَ الْحِجَامَةِ.
وَالصَّحِيحُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ صَحِيحَةٌ خَلْفَ إمَامِهِ، وَإِن كَانَ إمَامُهُ مُخْطِئًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (٣) عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ وَلَهُم وَإِن أَخْطَؤوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ" (٤). ٢٢/ ٢٦٧
(١) وهو اختيار العلَّامة ابن عثيمين -رَحِمَهُ اللهُ- كما في الشرح الممتع (٢/ ٣٠٦).
(٢) أي: العلماء.
(٣) البخاري (٦٩٤).
(٤) كل هذا من أجل تأليف القلوب، وعدم إحداث ما يُوغل الصدور، ويفرق الأمة، فكيف =