وَقَد ثَبَتَ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم - فِي "الصَّحِيحِ": "أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ فِي الْفَجْرِ بِمَا بَيْنَ السِّتِّينَ آيَةً إلَى مِائَةِ آيَةٍ" (١)، وَهَذَا بِالتَّقْرِيبِ نَحْوُ ثُلُثِ جُزْءٍ إلَى نِصْفِ جُزْءٍ مِن تَجْزِئَةِ ثَلَاثِينَ، فَكَانَ يَقْرَأُ بِطِوَالِ الْمُفَضلِ.
وَكَانَ يَقْرَأ فِي الظُّهْرِ بِأَقَلَّ مِن ذَلِكَ بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ آيَةً.
وَيَقْرَأ فِي الْعَصْرِ بِأَقَل مِن ذَلِكَ.
وَيَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِأَقَلَّ مِن ذَلِكَ مِثْل قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
وَفِي الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ بِنَحْوِ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (١)} الشمس: ١، {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١)} الليل: ١، وَنَحْوِهِمَا.
وَكَانَ أَحْيَانًا يُطِيلُ الصَّلَاةَ وَيَقْرَأُ بِأَكْثَرَ مِن ذَلِكَ.
وَلَيْسَ لِلْإمَامِ أنْ يُطِيلَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ إلَّا أَنْ يَخْتَارُوا ذَلِكَ؛ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أَمَّ أحَدُكمْ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ" (٢).
وَكَانَ يُطِيلُ الركُوعَ وَالسُّجُودَ والاعتدالين.
وَفِي "السُّنَنِ" (٣) أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ شَبَّهَ صَلَاةَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِصَلَاتِهِ، وَكَانَ عُمَرُ يُسَبِّحُ فِي الرُّكُوعِ نَحْو عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي السُّجُودِ نَحْو عَشْرِ تَسْبِيحَاتٍ (٤).
فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْغَالِبِ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ فِي الْغَالِبِ.
وَإِذَا اقْتَضَتِ الْمَصْلَحَةُ أَنْ يُطِيلَ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ أَو يُقَصِّرَ عَن ذَلِكَ فَعَلَ ذَلِكَ؛ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْيَانًا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَأَحْيَانًا يُنْقِصُ عَن ذَلِكَ. ٢٢/ ٣١٥ - ٣١٨
(١) رواه مسلم (٤٦١، ٦٤٧).
(٢) رواه البخاري (٧٠٣).
(٣) راوه أبو داود (٨٨٨) وغيره، وضعَّفه الألباني في ضعيف أبي داود.
(٤) وهذا ما يُفعل في قيام الليل في العشر الأواخر من رمضان، ولو فعلها أحد الأئمة في غيرها لأنكر عليه العامة وربما أصبح حديث المجالس!