الْحَاجَةُ وَالْعُذْرُ، فَإِذَا احْتَاجَ إلَيْهِ جَمَعَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَالطَّوِيلِ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ لِلْمَطَرِ وَنَحْوِهِ وَللْمَرَضِ وَنَحْوِهِ وَلغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ.
فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنِ الْأُمَّةِ.
وَلَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ جَمَعَ فِي السَّفَرِ وَهُوَ نَازِلٌ إلَّا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.
وَلهَذَا تَنَازَعَ الْمُجَوِّزُونَ لِلْجَمْعِ؛ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: هَل يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ النَّازِلِ؟
فَمَنَعَ مِنْهُ مَالِكٌ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْه (١).
وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْأخْرَى.
وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ الْجَمْعَ إلَّا بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ. ٢٢/ ٢٩٠ - ٢٩٢
٢٧٩٤ - قَالَ - سُبْحَانهُ وَتعالى -: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} النساء: ١٠١، فَأَبَاحَ اللهُ الْقَصْرَ مِن عَدَدِهَا وَالْقَصْرَ مِن صِفَتِهَا؛ وَلهَذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطَيْنِ: السَّفَرِ، وَالْخَوْفِ.
فَالسَّفَرُ: يُبِيحُ قَصْرَ الْعَدَدِ فَقَطْ .. وَالْخَوْفُ يُبِيحُ قَصْرَ صِفَتِهَا. ٢٢/ ٥٤١
٢٧٩٥ - إِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَد نَقَلُوا بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا قَطُّ، وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ مِنْهُم الصَّائِمُ وَمِنْهُم الْمُفْطِرُ.
وَأَمَّا الْقَصْرُ فَكُلُّ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقْصُرُونَ، مِنْهُم أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُ أَهْلِ مَكَّةِ، بِمِنَى وَعَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا.
(١) وهو الذي يميل إليه الشيخ لكنه لم يجزم به، وأما الشيخ عبد العزيز بن باز - رَحِمَهُ اللهُ -، فيرى أن الجمع للمسافر وقت النزول لا بأس به، ولكن تركه أفضل. انظر: مجموع فتاوى ابن باز (١٢/ ٢٩٧).
وهو اختيار العلَّامة محمد بن صالح العثيمين - رَحِمَهُ اللهُ - حيث قال: "والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب، وفي حق النازل جائز غير مستحب، إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل". الشرح الممتع (٤/ ٥٥٠ - ٥٥٣).