الصِّفَاتِ مِن غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، وَمِن غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ.
وَكَذَلِكَ يَنْفُونَ عَنْهُ مَا نَفَاهُ عَن نَفْسِهِ مَعَ إثْبَاتِ مَا أَثْبَتَهُ مِن الصِّفَاتِ مِن غَيْرِ إلْحَادٍ، لَا فِي أَسْمَائِهِ وَلَا فِي آيَاتِهِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى ذَمَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ وَآيَاتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٨٠)} الأعراف: ١٨٠.
فَطَرِيقَتُهُم تَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، مَعَ نَفْيِ مُمَاثَلَةِ الْمَخْلُوقَاتِ، إثْبَاتًا بِلَا تَشْبِيهٍ، وَتَنْزِيهًا بِلَا تَعْطِيلٍ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى: ١١، فَفِي قَوْلِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} رَدٌّ لِلتَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} رَدٌّ لِلْإِلْحَادِ وَالتَّعْطِيلِ. ٣/ ٤
٢٦٣ - اللهُ سُبْحَانَهُ بَعَثَ رُسُلَهُ بِإِثْبَاتٍ مُفَصَّلٍ، وَنَفْيٍ مُجْمَلٍ؛ فَأَثْبَتُوا للهِ الصِّفَاتِ عَلَى وَجْهِ التَّفْصِيلِ، وَنَفَوْا عَنْهُ مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ مِن التَّشْبِيهِ وَالتَّمْثِيلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} مريم: ٦٥، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}؛ أَيْ: نَظِيرًا يَسْتَحِقُّ مِثْل اسْمِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} الإخلاص: ٣، ٤.
وَأَمَّا الْإِثْبَات الْمُفَصَّلُ: فَإِنَّهُ ذَكَرَ مِن أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مَا أَنْزَلَهُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِهِ كَقَوْلِهِ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} الآيَةَ البقرة: ٢٥٥ بِكَمَالِهَا، وَقَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢)} الإخلاص: ١، ٢ السُّورَةَ، وَقَوْلِهِ: {هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} التحريم: ٢، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} الروم: ٥٤، {هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى: ١١، {وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} الجاثية: ٣٧، {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الأحقاف: ٨.
وَأَمَّا مَن زَاغَ وَحَادَ عَن سَبِيلِهِمْ مِن الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَمَن دَخَلَ فِي هَؤُلَاءِ مِن الصَّابِئَةِ والمتفلسفة وَالْجَهْمِيَّة وَالْقَرَامِطَةِ