يَوْمَ عِيدِهِمْ، فَكَيْفَ مَن يَفْعَلُ بَعْضَ أَفْعَالِهِمْ؟ أو قَصَدَ مَا هُوَ مِن مُقْتَضَيَاتِ دِينِهِمْ؟
أَلَيْسَتْ مُوَافَقَتهُم فِي الْعَمَلِ أَعْظَمَ مِن مُوَافَقَتِهِمْ فِي اللُّغَةِ؟
أوَلَيْسَ عَمَلُ بَعْضِ أَعْمَالِ عِيدِهِمْ أَعْظَمَ مِن مُجَرَّدِ الدُّخُولِ عَلَيْهِم فِي عِيدِهِمْ؟
وَإِذَا كَانَ السُّخْطُ يَنْزِلُ عَلَيْهِم يَوْمَ عِيدِهِمْ بِسَبَبِ عَمَلِهِمْ فَمَن يُشْرِكهُم فِي الْعَمَلِ أَو بَعْضِهِ أَلَيْسَ قَد تَعَرَّضَ لِعُقُوبَةِ ذَلِكَ؟
ثُمَّ قَوْلُهُ: "اجْتَنِبُوا أَعْدَاء اللهِ فِي عِيدِهِمْ" ألَيْسَ نَهْيًا عَن لِقَائِهِمْ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِم فِيهِ؟ فَكَيْفَ بِمَن عَمِلَ عِيدَهُمْ؟ (١).
وَنَصَّ الْإِمَامِ أحْمَد عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شُهُودُ أَعْيَادِ الْيَهُود وَالنَّصَارَى، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} الفرقان: ٧٢، قَالَ: الشَّعَانِينُ (٢) وَأَعْيَادُهُمْ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ مِن أَصْحَابِ مَالِكٍ: فَلَا يُعَاوَنُونَ عَلَى شَيءٍ مِن عِيدِهِمْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِن تَعْظِيمِ شِرْكِهِمْ وَعَونهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَيَنْبَغِي لِلسَّلَاطِينِ أَنْ يَنْهَوُا الْمُسْلِمِينَ عَن ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِك وَغَيْرِهِ، لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ.
وَأَكْلُ ذَبَائِحِ أعْيَادِهِمْ دَاخِلٌ فِي هَذَا الَّذِي اُجْتُمِعَ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ؛ بَل هُوَ عِنْدِي أَشَدُّ.
وَبِالْجُمْلَةِ: لَيْسَ لَهُم اُّنْ يَخُصُّوا أعْيَادَهُم بِشَيْءٍ مِن شَعَائِرِهِمْ؛ بَل يَكونُ يَوْمُ عِيدِهِمْ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ كَسَائِرِ الْأيَّامِ، لَا يَخُصُّهُ الْمُسْلِمُونَ بِشَيءٍ مِن خَصَائِصِهِمْ.
(١) وبنى كنائسهم في بلاد الإسلام وخاصةً في جزيرة العرب؟
(٢) عيد الشّعانين: عيد نصرانيّ، يقع يوم الأحد السابق لعيد الفصح، يُحتفل فيه بذكرى دخول المسيح عليه السلام بيتَ المقدس. معجم اللغة العربية المعاصرة (٢/ ١٢١١).