سَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ" (١).
وَهَذَا مِن مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} التوبة: ٨٤، فَإِنَّهُ لَمَّا نَهَى نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَعَنِ الْقِيَامِ عَلَى قُبُورِهِمْ كَانَ دَلِيلُ الْخِطَابِ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّفْنِ وَيُقَامُ عَلَى قَبْرِهِ بَعْدَ الدَّفْنِ. ٢٤/ ٣٣٠
٢٩٣٥ - وَأَمَّا مَا أَخْبَرَ اللهُ بِهِ مِن حَيَاةِ الشَّهِيدِ وَرِزْقِهِ وَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مِن دُخولِ أَرْوَاحِهِمْ الْجَنَّةَ: فَذَهَبَ طَوَائِف إلَى أَنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِهِم دُونَ الصِّدِّيقِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ وَجَمَاهِيرُ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ الْحَيَاةَ وَالرِّزْقَ وَدُخُولَ الْأَرْوَاحِ الْجَنَّةَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالشَّهِيدِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ النُّصُوصُ الثَّابتَةُ، وَيَخْتَصُّ الشَّهِيدُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِ الظَّانّ يَظُنُّ أَنَّهُ يَمُوتُ فَيَنْكُلُ عَنِ الْجِهَادَ، فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ لِيَزُولَ الْمَانِغ مِنَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ.
كَمَا نَهَى عَن قَتْلِ الْأَوْلَادِ خَشْيَةَ الْإِمْلَاقِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْوَاقِعُ، وَإِن كَانَ قَتْلُهُم لَا يَجُوزُ مَعَ عَدَمِ خَشْيَةِ الْإِمْلَاقِ. ٢٤/ ٣٣٢
٢٩٣٦ - الزِّيَارَةُ الْبِدْعِيَّةُ: هِيَ مِن أَسْبَابِ الشِّرْكِ بِاللهِ تَعَالَى، وَدُعَاء خَلْقِهِ، وَإِحْدَاث دِينٍ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ.
وَالزِّيَارَةُ الشَّرْعِيَّةُ: هِيَ مِن جِنْسِ الْإِحْسَانِ إلَى الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ لَهُ؛ كَالْإِحْسَانِ إلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَهِيَ مِنَ الْعِبَادَاتِ للهِ تَعَالَى الَّتِي يَنْفَعُ اللهُ بِهَا الدَّاعِيَ وَالْمَدْعُوَّ لَهُ؛ كَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَطَلَبِ الْوَسِيلَةِ وَالدُّعَاءِ لِسَائِرِ الْمُؤْمِنِينَ أَحْيَائِهِمْ وَأَمْوَاتِهِمْ. ٢٤/ ٣٤٣
٢٩٣٧ - مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ النِّسَاءَ مَأْذُونٌ لَهُنَّ فِي الزِّيَارَةِ وَأَنَّهُ أَذِنَ
(١) صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود (٣٢٢١).