تُرَفْرِفُ عَلَى قَبْرِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ؟ فَإِنَّ رُوحَهُ تُعَادُ إلَى الْبَدَنِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ، وَتُعَادُ أَيْضًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائي وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِي وَغَيْرُهُم: "أَنَّ نَسَمَةَ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُرْجِعَهُ اللهُ إلَى جَسَدِهِ يَوْمَ يَبْعَثُهُ" (١).
وَمَعَ ذَلِكَ فَتَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ مَتَى شَاءَ اللهُ، وَذَلِكَ فِي اللَّحْظَةِ بِمَنْزِلَةِ نُزُولِ الْمَلَكِ وَظُهُورِ الشُّعَاعِ فِي الْأَرْضِ وَانْتِبَاهِ النَّائِمِ.
وهذا جاء في عدة آثار (٢)، أن الأرواح تكون في أفنية القبور. ٢٤/ ٣٦٥
٢٩٤٢ - لَا نِزَاعَ بَيْنَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي وُصُولِ ثَوَابِ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ (٣)، كَمَا يَصِلُ إلَيْهِ أَيْضًا الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَالدُّعَاءُ عِنْدَ قَبْرِهِ.
وَتَنَازَعُوا فِي وُصُولِ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ الْجَمِيعَ يَصِلُ إلَيْهِ. ٢٤/ ٣٦٦
٢٩٤٣ - قَوْلُ السَّائِلِ: هَل يُؤْذِيهِ الْبُكَاءُ عَلَيْهِ؟ الصَّوَابُ أَنَّهُ يَتَأَذَّى بِالْبُكَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نَطَقَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ" (٤).
فَهُوَ لَمْ يَقُلْ: إنَّ الْمَيِّتَ يُعَاقَبُ بِبُكَاءِ اهْلِهِ عَلَيْهِ؛ بَل قَالَ: "يُعَذَّبُ"، وَالْعَذَابُ أَعَمُّ مِنَ الْعِقَابِ، فَإِنَّ الْعَذَابَ هُوَ الْأَلَمُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَن تَأَلَّمَ بِسَبَبٍ كَانَ ذَلِكَ عِقَابًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ السَّبَبِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ
(١) رواه الإمام أحمد (١٥٧٧٧)، والنسائي (٢٠٧٣)، وابن ماجه (٤٢٧١)، وصحَّحه محققو المسند، والألباني في صحيح الجامع الصغير (٢٣٧٣ - ١٠٦٦).
(٢) لعل صواب العبارة: هذا، وجاء في عدة آثار .. وهي هكذا في النسخة التي حققها: أنور الباز، عامر الجزار.
(٣) إلى الميت.
(٤) رواه البخاري (١٣٠٤)، ومسلم (٩٢٧).