اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِى أَبْوَابَ فَضْلِك، فَهَذَا السَّلَامُ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ كُلَّمَا يَدْخُلُ يُغْنِي عَن السَّلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَهُوَ مِن خَصَائِصِهِ وَلَا مَفْسَدَةَ فِيهِ.
وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِن السَّلَامِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَهُوَ مِن خَصائِصِهِ وَهُوَ مَأمُورٌ بِهِ، وَاللهُ يُسَلِّمُ عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا يُصَلِّي عَلَى مَن صَلَّى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَن صَلَّى عَلَيْهِ وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، وَمَن سَلَّمَ عَلَيْهِ وَاحِدَةً سَلَّمَ اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، وَقَد حَصَلَ مَقْصُودُهُم وَمَقْصُودُهُ مِن السَّلَامِ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي مَسْجِدِهِ وَغَيْرِ مَسْجِدِهِ، فَلَمْ يَبْقَ فِي إتْيَانِ الْقَبْرِ فَائِدَةٌ لَهُم وَلَا لَهُ (١).
بِخِلَافِ إتْيَانِ مَسْجِدِ قُبَاء، فَإِنَّهُم كَانُوا يَأْتُونَهُ كُلَّ سَبْتٍ فَيُصَلُّونَ فِيهِ اتِّبَاعًا لَهُ -صلى الله عليه وسلم-، فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ كَعُمْرَةٍ، وَيجْمَعُونَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ يَوْمَ الْجُمْعَةِ؛ إذ كَانَ أَحَدُ هَذَيْنَ لَا يُغْنِي عَن الْآخَرِ؛ بَل يَحْصُل بِهَذَا أَجْرٌ زَائِدٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إلَى الْبَقِيعِ وَأَهْلِ أُحُدٍ، كَمَا كَانَ يَخْرُجُ إلَيْهِم النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو لَهُمْ: كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَصْلَحَةٌ لَا مَفْسَدَةَ فِيهَا، وَهُم لَا يَدْعُونَ لَهُم فِي كُلّ صَلَاةٍ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا يُغْنِي عَن هَذَا (٢). ٢٧/ ٤١٤ - ٤١٦
فَلَيْسَ فِعْلُ شَيْءٍ مِن حُقُوقِهِ -صلى الله عليه وسلم- كَالْإِيمَانِ بِهِ وَمَحَبَّتِهِ وَمُوَالَاتِهِ وَتَبْلِيغِ الْعِلْمِ عَنْهُ وَالْجِهَادِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ وَمُوَالَاةِ أَوْليَائِهِ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِهِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ وَكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ ويُتَقَرَّبُ إلَيْهِ لَيْسَ شَيْءٌ مِن ذَلِكَ عِنْدَ خجْرَتِهِ أَفْضَلَ مِنْهُ
(١) فمن ذهب إلى المدينة وصلى في المسجد النبوي، وصلى على النبي عند دخول المسجد وفي الصلاة وغيرها أغنى عن السلام عليه عند قبره، وعلى هذا: فلا حرج على الإنسان إذا رأى الزحام عند قبره ألا يصف معهم للسلام، بل يصلي ويسلم عليه في أيّ مكان -صلى الله تعالى وسلم عليه صلاةً وسلامًا دائمين ما دام الليل والنهار-.
(٢) وكذلك الذي يسلم على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- ويدعو لهما فهو حسن، فقصدُ السلام عليهما حسن مطلوب، ولا يُمكن للإنسان إذا سلم عليها أن يبدأ بهما قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم-.