أَحَدُهَا: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَصُومَ وَأَنْ يُفْطِرَ سِرًّا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ إلَّا مَعَ النَّاسِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِن مَذْهَب أَحْمَد وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّالِثُ: يَصُومُ مَعَ النَّاسِ وَيُفْطِرُ مَعَ النَّاسِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ (١)، وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَحِينَئِذٍ: فَشَرْطُ كَوْنِهِ هِلَالًا وَشَهْرًا شُهْرَتُهُ بَيْنَ النَّاسِ، وَاسْتِهْلَالُ النَّاسِ بِهِ، حَتَّى لَو رَآهُ عَشَرَةٌ وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذَلِكَ عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْبَلَدِ لِكَوْنِ شَهَادَتِهِمْ مَرْدُودَةً أَو لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَشْهَدُوا بِهِ: كَانَ حُكمُهُم حُكْمَ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَكَمَا لَا يَقِفُونَ وَلَا يَنْحَرُونَ وَلَا يُصَلُّونَ الْعِيدَ إلَّا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَكَذَلِكَ لَا يَصُومُونَ إلَّا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: "صَوْمُكُمْ يَوْمَ تَصُومُونَ وَفِطْرُكُمْ يَوْمَ تُفْطِرُونَ وَأَضْحَاكُمْ يَوْمَ تُضَحُّونَ" (٢).
وَلهَذَا قَالَ أحْمَد فِي رِوَايَتِهِ: يَصُومُ مَعَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ، قَالَ أَحْمَد: يَدُ اللهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ.
لَكِنْ مَن كَانَ فِي مَكَانٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ إذَا رَآهُ صَامَهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُهُ.
وَعَلَى هَذَا: فَلَو أَفْطَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رُئِيَ فِي مَكَانٍ آخَرَ، أَو ثَبَتَ نِصْفَ النَّهَارِ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد، فَإِنَّهُ إنَّمَا صَارَ شَهْرًا فِي حَقِّهِمْ مِن حِينِ ظَهَرَ وَاشْتَهَرَ، وَمِن حِينَئِذٍ وَجَبَ الْإِمْسَاكُ كَأَهْلِ عَاشُورَاءَ الَّذِينَ أُمِرُوا بِالصَّوْمِ فِي أثْنَاءِ الْيَوْمِ وَلَمْ يُؤْمَرُوا بِالْقَضَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَدِيثُ الْقَضَاءِ ضَعِيفٌ. ٢٥/ ١١٤ - ١١٨
٣٠٨٠ - عَن عَائِشَةَ -رضي الله عنها-؛ أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ
(١) (٨٠٢).
(٢) تقدم تخريجه.