قَوْلَيْنِ مَشْهُورينِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أحْمَد، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ دَلِيل شَرْعِيٌّ يَصْلُحُ أَنْ يَخُصَّ عمومات نُصُوصِ السِّوَاكِ. ٢٥/ ٢٦٦
* * *
(حكم صَوْمِ يَوْمِ الْغَيْمِ)
٣٠٨٤ - صَوْمُ يَوْمِ الْغَيْمِ: إذَا حَالَ دُونَ رُؤْيةِ الْهِلَالِ غَيْمٌ أَو قَتَرٌ (١): لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ عِدَّةُ أَقْوَالٍ وَهِيَ فِي مَذْهَبِ أحْمَد وَغَيْرِهِ:
أَحَدُهَا: أنَّ صَوْمَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، ثُمَّ هَل هُوَ نَهْيُ تَحْرِيمٍ أَو تَنْزِيهٍ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٌ وَالشَافِعِيِّ وَأحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ صِيَامَهُ وَاجِبٌ كَاخْتِيَارِ الْقَاضِي والخرقي وَغَيْرِهِمَا مِن أَصْحَابِ أَحْمَد (٢).
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُهُ وَيجُوزُ فِطْرُهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَد الْمَنْصُوصُ الصَّرِيحُ عَنْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَو أكْثَرِهِمْ (٣).
وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْإِمْسَاكَ عِنْدَ الْحَائِلِ عَن رُؤْيَةِ الْفَجْرِ جَائِزٌ، فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ
(١) ليلة الثلاثين من شعبان.
(٢) قال في زاد المستقنع: وَإِن حَالَ دُونَهُ غَيْمٌ، أوْ قَتَرٌ فَظَاهِرُ المَذْهَبِ يَجِبُ صَوْمَهُ. اهـ.
(٣) قال رَحِمَه الله في موضع آخر: وَأُصُولُ الشَّرِيعَةِ أَدَلُّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْهَا عَلَى غَيْرِهِ؛ فَإِنَّ الْمَشْكُوكَ فِي وُجُوبِهِ -كَمَا لَو شَكَّ فِي وُجُوبِ زَكَاةٍ أو كَفَّارَةٍ أو صَلَاةٍ أو غَيْرِ ذَلِكَ- لَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ، بَل يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ احْتِيَاطًا، فَلَمْ تُحَرِّمْ أصُولُ الشَّرِيعَةِ الِاحْتِيَاطَ وَلَمْ تُوجِبْ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ.
وقال: فَإِنَّ تَحْرِيمَ الصَّوْم أَو إيجَابَهُ كِلَاهُمَا فِيهِ بُعْدٌ عَن أصُولِ الشَّرِيعَةِ. اهـ. (٢٥/ ١٢٤ - ١٢٥) واختار ابن حزم والشوَكاني والصنعاني والإمامان ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله وغيرُهم تحريم صيامه. المحلى (٧/ ٢٣)، نيل الأوطار (٤/ ٢٢٧) سبل السلام (١/ ٥٥٨)، مجموع فتاوى ابن باز (١٥/ ٤٠٨)، زاد المستقنع (٦/ ٣٠٧).