تَلْبَسَ الْقُفَّازينِ، كَمَا نَهَى الْمُحْرِمَ أَنْ يَلْبَسَ الْقَمِيصَ وَالْخُفَّ، مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتُرَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَالْبُرْقُعُ أَقْوَى مِن النِّقَابِ؛ فَلِهَذَا يُنْهَى عَنْهُ بِاتِّفَاقِهِمْ، وَلهَذَا كَانَتِ الْمُحْرِمَةُ لَا تَلْبَسُ مَا يُصْنَعُ لِسَتْرِ الْوَجْهِ كَالْبُرْقُعِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ كَالنِّقَابِ. ٢٦/ ١٠٩ - ١١٣
٣٢٠٢ - لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ مَا فِي قَلْبِهِ مِن قَصْدِ الْحَجِّ وَنِيَّتِهِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ مَا زَالَ فِي الْقَلْبِ مُنْذُ خَرَجَ مِن بَلَدِهِ؛ بَل لَا بُدَّ مِن قَوْلٍ أَو عَمَلٍ يَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِن الْقَوْلَيْنِ. ٢٦/ ١٠٨
٣٢٠٣ - قَوْلهُ -صلى الله عليه وسلم- لَمَّا سُئِلَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِن الثِّيَابِ؟ فَقَالَ: "لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ وَلَا الْبَرَانِسَ وَلَا الْخِفَافَ، وَمَن لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِن الْكَعْبَيْنِ" (١)، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خَطَبَ بِذَلِكَ لَمَّا كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَكُن حِينَئِذٍ قَد شُرِعَتْ رُخْصَةُ الْبَدَلِ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُم لَا فِي لُبْسِ السَّرَاوِيلِ إذَا لَمْ يَجِدُوا الْإِزَارَ وَلَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ مُطْلَقًا.
ثُمَّ إنَّهُ فِي عَرَفَاتٍ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: "السَّرَاوِيلُ لِمَن لَمْ يَجِدِ الإِزَارَ وَالْخِفَافُ لِمَن لَمْ يَجِدِ النَّعْلَيْنِ" (٢)، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثُهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ"، وَرَوَاهُ جَابِرٌ وَحَدِيثُهُ فِي مُسْلِمٍ.
فَأرْخَصَ لَهُم بِعَرَفَات فِي الْبَدَلِ، فَأَجَازَ لَهُم لُبْسَ السَّرَاوِيلِ إذَا لَمْ يَجِدُوا الْإِزَارَ بِلَا فَتْقٍ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، فَمَن اشْتَرَطَ فَتْقَهُ خَالَفَ النَّصَّ.
وَأَجَازَ لَهُم حِينَئِذٍ لُبْسَ الْخُفَّيْنِ إذَا لَمْ يَجِدُوا النَّعْلَيْنِ بِلَا قَطْع، فَمَن اشْتَرَطَ الْقَطْعَ فَقَد خَالَفَ النَّصَّ، فَإِنَّ السَّرَاوِيلَ الْمَفْتُوقَ وَالْخُفَّ الْمَقْطُوعَ لَا
(١) أخرجه البخاري (١٥٤٢)، ومسلم (١١٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٨٤٣)، ومسلم (١١٧٨).