وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: مَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (١) أَنَّهُ سُئِلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَمَّن أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ فَقَالَ: "انْزعْ عَنْك الْجُبَّةَ". وَكَانَ هَذَا فِي عُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَحْرِيمَ الْجُبَّةِ كَانَ مَشْرُوًعا قَبْلَ هَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْهَا بِلَفْظِهَا فِي الْحَدِيثِ.
وَأَيْضًا فَقَد ثَبَتَ عَنْهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: "وَلَا تُخَمّرُوا رَأْسَهُ" (٢) .. فَنَهَاهُم عَن تَخْمِيرِ رَأْسِهِ لِبَقَاءِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا، كَمَا أَمَرَهُم أَنْ لَا يُقَرِّبُوهُ طِيبًا؛ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُحْرِمَ يُنْهَى عَن هَذَا وَهَذَا.
وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَن لُبْسِ الْعَمَائِمِ.
فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ النَّهْيَ عَن ذَلِكَ وَعَمَّا يُشْبِهُهُ فِي تَخْمِيرِ الرَّأْسِ.
فَذَكَرَ:
أ- مَا يُخَمِّرُ الرَّأْسَ.
ب- وَمَا يُلْبَسُ عَلَى الْبَدَنِ كَالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ.
ج- وَمَا يُلْبَسُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَهُوَ الْبُرْنُسُ.
د- وَذَكَرَ مَا يُلْبَسُ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِن الْبَدَنِ وَهُوَ السَّرَاوِيل وَالثِّيَابُ، وَالتُّبَّانُ فِي مَعْنَاهُ.
هـ- وَكَذَلِكَ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلَيْنِ وَهُوَ الْخُفُّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الجرموق وَالْجَوْرَبَ فِي مَعْنَاهُ.
وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ بِصَاعٍ مِن تَمْرٍ أَو شَعِيرٍ هُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِكَوْنِهِ كَانَ قُوتًا لِلنَّاسِ؛ فَأَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يُخْرِجُونَ مِن قُوتِهِمْ وَإِن لَمْ يَكُن
(١) رواه البخاري (١٧٨٩)، ومسلم (١١٨٠).
(٢) رواه البخاري (١٨٥٠)، ومسلم (١٢٠٦).