٣٢٣٧ - وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَصَى مِن حَيْثُ شَاءَ، لَكِنْ لَا يَرْمِي بِحَصَى قَد رُمِيَ بِهِ، ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْحُمّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، وَإِن كَسَرَهُ جَازَ، وَالْتِقَاطُ الْحَصَى أَفْضَلُ مِن تَكْسِيرِهِ مِنَ الْجَبَلِ.
ثُمَّ يَحْلِقُ رَأْسَهُ أَو يُقَصِّرُهُ وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ مِن التَّقْصِيرِ، وَإِذَا قَصَّرَهُ: جَمَعَ الشَّعْرَ وَقَصَّ مِنْهُ بِقَدْرِ الْأُنْمُلَةِ أَو أَقَلَّ أَو أَكْثَرَ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَقُصُّ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ، وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلَهُ أَنْ يُقَصِّرَ مَا شَاءَ.
وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ: فَقَد تَحَلَّلَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ التَّحَلُّلَ الْأَوَّلَ فَيَلْبَسُ الثِّيَابَ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ، وَكَذَلِكَ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ أَنْ يَتَطَيَّبَ وَيتَزَوَّجَ، وَأَنْ يَصْطَادَ وَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ إلَّا النِّسَاءُ.
وَبَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَطُوفُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَإِلَّا فَعَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ عَن ذَلِكَ فِيهِ نِزَاعٌ.
ثُمَّ يَسْعَى بَعْدَ ذَلِكَ سَعْيَ الْحَجِّ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُفْرِدِ إلَّا سَعْيٌ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْقَارِنُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَصَحِّ أَقْوَالِهِمْ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عِنْدَ أَحْمَد، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا سَعْيٌ وَاحِدٌ، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ تَمَتَّعُوا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً قَبْلَ التَّعْرِيفِ.
فَإِذَا اكْتَفَى الْمُتَمَتِّعُ بِالسَّعْيِ الْأَوَّلِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ كَمَا يُجْزِئُ الْمُفْرِدَ وَالْقَارِنَ.
ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" (١)؛ فَالْمُتَمَتِّعُ مِن حِينِ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ دَخَلَ بِالْحَجِّ، لَكِنَّهُ فَصَلَ بِتَحَلُّل لِيَكُونَ أَيْسَرَ عَلَى الْحَاجِّ، وَأَحَبُّ الدِّينِ إلَى اللهِ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ.
(١) رواه مسلم (١٢١٨).