فَلَا بُدَّ مِن الْعِلْمِ بِالْمَعْرُوفِ وَالْمُنْكَرِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَهُمَا، وَلَا بُدَّ مِن الْعِلْمِ بِحَالِ الْمَأْمُورِ وَالْمَنْهِيِّ، وَلَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِن الرِّفْقِ.
وَلَا بُذَ أَيْضًا أَنْ يَكونَ حَلِيمًا صَبُورًا عَلَى الْأَذَى؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْصُلَ لَهُ أَذًى، فَإِنْ لَمْ يَحْلَمْ وَيَصْبِرْ كَانَ مَا يُفْسِدُ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ، كَمَا قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧)} لقمان: ١٧.
فَلَا بُدَّ مِن هَذِهِ الثَّلَاثَةِ:
أ- الْعِلْمُ.
ب- وَالرِّفْقُ.
ج- وَالصَّبْرُ.
الْعِلْمُ قَبْلَ الْأمْرِ وَالنَّهْي، وَالرِّفْقُ مَعَهُ، وَالصَّبْرُ بَعْدَة، وَإِن كَانَ كُلٌّ مِن الثَّلَاثَةِ مُسْتَصْحَبًا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ.
وَلْيُعْلَمْ أَنَّ الْأَمْرَ بِهَذِهِ الْخِصَالِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَن الْمُنْكَرِ مِمَّا يُوجِبُ صُعُوبَة عَلَى كَثِيرٍ مِن النُّفُوسِ، فَيَظُنُّ أَنَهُ بِذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ فَيَدَعُهُ؛ وَذَلِكَ مِمَّا يَضرُّهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَضُرُّهُ الْأَمْرُ بِدُونِ هَذِهِ الْخِصَالِ أَو أَقَلَّ؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ مَعْصِيَة، فَالْمُنْتَقِلُ مِن مَعْصِيَةٍ إلَى مَعْصِيَةٍ أَكْبَرَ مِنْهَا كَالْمُسْتَجِيرِ مِن الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ.
وَمِن الْمَعْلُومِ بِمَا أَرَانَا اللهُ مِن آيَاتِهِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِنَا وَبِمَا شَهِدَ بِهِ فِي كِتَابِهِ: أَنَّ الْمَعَاصِيَ سَبَبُ الْمَصَائِبِ .. وَأَنَّ الطَّاعَةَ سَبَبُ النِّعْمَةِ، فَإِحْسَانُ الْعَمَلِ سَبَبٌ لِإِحْسَانِ اللهِ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (٣٠)} الشورى: ٣٠. ٢٨/ ١٢١ - ١٣٨
٣٣٢٣ - مَن فَعَلَ شَيْئًا مِن الْفنْكَرَاتِ كَالْفَوَاحِشِ وَالْخَمْرِ وَالْعُدْوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن رَأَى