وَالنَّصَارَى بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِين (١).
فَتَقَدُّمُ الْمَرَاسِيم السُّلْطَانِيَّة بِإِقَامَةِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ: مِن الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَتَبْلِيغِ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي قُرَى هَؤُلَاءِ مِن أَعْظَمِ الْمَصَالِحِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَأَبْلَغِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ.
وَاللهُ هُوَ الْمَسْؤُولُ أنْ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَى سُلْطَانِ الْإِسْلَامِ خَاصَّةً وَعَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ عَامَّةً، وَالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
٣٣٦٩ - وَكَتَبَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَحْمَد ابْنُ تَيْمِيَّة -قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ- لَمَّا قَدِمَ الْعَدُوُّ مِن التَّتَارِ سَنَةَ تِسْعِ وَيسْعِينَ وَسِتِّمِائَةِ إلَى حَلَبَ وَانْصَرَفَ عَسْكَرُ مِصْرَ وَبَقِيَ عَسْكَرُ الشَّامِ: .. اعْلَمُوا -أَصْلَحَكُمْ اللهُ- أَنَّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَد ثَبَتَ عَنْهُ مِن وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم وَلَا مَن خَالَفَهُم إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ (٢).
وَثَبَتَ أَنَّهُم بِالشَّامِ.
فَهَذِهِ الْفِتْنَةُ قَد تَفَرَّقُ النَّاسُ فِيهَا ثَلَاثُ فِرَقٍ:
الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ، وَهُم الْمُجَاهِدُونَ لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ.
وَالطَّائِفَةُ الْمُخَالِفَةُ، وَهُم هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ وَمَن تَحَئزَ إلَيْهِم مِن خبالة الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ.
(١) قال الشيخ في موضع آخر: فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَن أَحَدِهِمْ ذَلِكَ: كَانَ مِن الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ هُم فِي الدَّرْكِ الْأسْفَلِ مِن النَّارِ، وَمَن أظْهَرَ ذَلِكَ كَانَ أَشَدَّ مِن الْكَافِرِينَ كُفْرًا، فَلَا يَجُوزُ أنْ يُقَرَّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا بِجِزْيَة وَلَا ذِمَّةٍ، وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَلَا تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُم؛ لِأنَّهُم مُرْتَدُّونَ مِن شَرِّ الْمُرْتَدِّينَ، فَإِنْ كَانُوا طَائِفَةً مُمْتَنِعَةً وَجَبَ قِتَالُهُم كَمَا يُقَاتَلُ الْمُرْتَدُّونَ؛ كَمَا قَاتَلَ الصِّدِّيقُ وَالصَّحَابَةُ أصْحَابَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّاب.
وَإِذَا كَانُوا فِي قُرَى الْمُسْلِمِينَ فُرِّقُوا وَأُسْكِنُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ التَّوْبَةِ، وَألْزِمُوا بِشَرَائِعِ الْإِسْلَام الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
(٢) رواه مسَلم (١٩٢٠).