وَلَيْسَ هَذَا بِمُطَالَبَة لِلرَّجُلِ بِحَقّ وَجَب عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا عُقُوبَةٍ عَلَى جِنَايَةِ غَيْرِهِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} الإسراء: ١٥ … فَإِنَّمَا يُعَاقَبُ عَلَى ذَنْبِ نَفْسِهِ، وَهوَ أَنْ يَكُونَ قَد عَلِمَ مَكَانَ الظَّالِمِ الَّذِي يُطْلبُ حُضُورهُ لِاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ، أَو يَعْلَمُ مَكَانَ الْمَالِ الَّذِي قَد تَعَلَّقَ بِهِ حُقُوقُ الْمُسْتَحِقِّينَ فَيَمْتَنِعُ مِنَ الْإِعَانَةِ وَالنُّصْرَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.
٣٤٠٧ - مَن كَانَ مِن أَهْلِ الذِّمَّةِ يُؤوِي أَهْلَ الْحَرْبِ أَو يُعَاوِنُهُم عَلَى الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّهُ قَد انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ، وَالْوَاجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأمُورِ أَلَّا يَتْرُكُوا مِثْل هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤْمَنُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي مَوْضِعٍ يُخَافُ ضَرَرُهُم عَلَى الْمُسْلِمِينَ، أَو يُنْقَلُ إلَيْهِم أَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّهُ قَد انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَحَلَّ دَمُهُ وَمَالُهُ.
٣٤٠٨ - كُلُّ مَن بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إلَى دِينِ اللهِ الَّذِي بَعَثَهُ بِهِ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهُ {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} الأنفال: ٣٩.
٣٤٠٩ - مَن لَمْ يَكُن مِن أَهْلِ الْمُمَانَعَةِ وَالْمُقَاتِلَةِ كَالنِّسَاءِ وَالصّبْيَانِ وَالرَّاهِبِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْأَعْمَى وَالزَّمِنِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُقْتَلُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، إلَّا أَنْ يُقَاتِلَ بِقَوْلِهِ أَو فِعْلِهِ.
وَإِن كَانَ بَعْضُهُم يَرَى إبَاحَةَ قَتْلِ الْجَمِيعِ لِمجَرَّدِ الْكُفْرِ إلَّا النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ؛ لِكَوْنِهِمْ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ هُوَ لِمَن يُقَاتِلُنَا إذَا أَرَدْنَا إظْهَارَ دِينِ اللهِ.
٣٤١٠ - ثَبَتَ عَنْهُ -صلى الله عليه وسلم- مِن وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ .. فَثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَنَّهُ يُقَاتَلُ مَن خَرَجَ عَن شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَإِن تَكَلَّمَ بِالشَّهَادَتَيْنِ.