وَإِذَا كَانَ الْمَغْنُومُ مَالًا -قَد كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ ذَلِكَ مِن عَقَارٍ أَو مَنْقُولٍ وَعُرِفَ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ- فَإِنَّهُ يُرَدُّ إلَيْهِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَمَّا الصَّدَقَاتُ: فَهِيَ لِمَن سَمَّى اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ.
فَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ: يَجْمَعُهَا مَعْنَى الْحَاجَةِ إلَى الْكِفَايَةِ، فَلَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ.
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا: هُم الَّذِينَ يَجْبُونَهَا ويحْفَظُونَهَا وَيَكْتمونَهَا وَنَحْو ذَلِكَ.
وَالْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ: فَنَذْكُرُهُم -إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- فِي مَالِ الْفَيْءِ.
وَفِي الرِّقَابِ: يَدْخُلُ فِيهِ إعَانَةُ الْمُكَاتِبِينَ، وَافْتِدَاءُ الْأَسْرَى، وَعِتْقُ الرِّقَابِ، هَذَا أَقْوَى الْأَقْوَالِ فِيهَا.
وَالْغَارِمِينَ: هُم الَّذِينَ عَلَيْهِم دُيُون لَا يَجِدُونَ وَفَاءَهَا فَيُعْطُونَ وَفَاءَ دُيُونِهِمْ وَلَو كَانَ كَثِيرًا، إلَّا أَنْ يَكُونُوا غَرِمُوهُ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ تَعَالَى فَلَا يُعْطَونَ حَتَّى يَتُوبُوا.
وَفِي سَبِيلِ اللهِ: وَهُم الْغُزَاةُ الَّذِينَ لَا يُعْطَونَ مِن مَالِ اللهِ مَا يَكْفِيهِمْ لِغَزْوِهِمْ، فَيُعْطَونَ مَا يَغْزُونَ بِهِ، أَو تَمَامَ مَا يَغْزُونَ بِهِ مِن خَيْلٍ وَسِلَاحٍ وَنَفَقَةٍ وَأُجْرَةٍ.
وَالْحَجُّ مِن سَبِيلِ اللهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- (١).
(١) روى أبو داود (١٩٨٨)، عن أُمِّ مَعْقَلٍ -رضي الله عنها- أنها قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ عَلَيَّ حَجَّةَ وَإِنَّ لأبِي مَعْقَلِ بَكْرًا (والبكر هو الفتي من الإبل)، قَالَ أبُو مَعْقَلٍ -رضي الله عنه-: صَدَقَتْ جَعَلْتُهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَعْطِهَا فَلْتَحُجَّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، صحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
وثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: أَمَا إنَّ الْحَجَّ مِن سَبِيلِ اللهِ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أَخْرَجَهُ أبُوَ عُبَيْد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ. اهـ. فتح الباري (٣/ ٣٣٢).
فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرى جواز إعطاء الفقير من الزكاة ليحج، وقد قال كما في الاختيارات (١٠٥): ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أعطي ما يحج به. اهـ؛ يعني: من الزكاة. =