وَجَدْت صَاحِبَهَا فَارْدُدْهَا إلَيْهِ وَإِلَّا فَهِيَ مَالُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ" (١).
فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ اللُّقَطَةَ الَّتِي عُرِفَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِمَعْصُومٍ، وَقَد خَرَجَتْ عَنْهُ بِلَا رِضَاهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ: فَقَد آتاهَا اللهُ لِمَن سَلَّطَهُ عَلَيْهَا. بِالِالْتِقَاطِ الشَّرْعِيِّ.
وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ مَن مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ مَعْلُومٌ: فَمَالُهُ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي غَالِبِ الْخَلْقِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عصبَةٌ بَعِيدٌ، لَكِنْ جُهِلَتْ عَيْنُهُ وَلَمْ تُرْجَ مَعْرِفَتُهُ، فَجُعِلَ كَالْمَعْدُومِ.
وَلَيْسَ لَهَا مَصْرِفٌ مُعَيَّنٌ، فَتُصْرَفُ فِي جَمِيعِ جِهَاتِ الْبِرِّ وَالْقُرَبِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللهِ؛ لِأنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ، وَخَلَقَ لَهُم الْأَمْوَالَ لِيَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى عِبَادَتِهِ فَتُصْرَفُ فِي سَبِيلِ اللهِ. ٢٨/ ٥٩٣ - ٥٩٧
٣٦٠٦ - مَن بَاعَ خَمْرًا لَمْ يَمْلِكْ ثَمَنَهُ، فَإِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَد أَخَذَ الْخَمْرَ فَشَرِبَهَا: لَمْ يُجْمَعْ لَهُ بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ، بَل يُؤْخَذُ هَذَا الْمَالُ فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا قِيلَ فِي مَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ عِوَضٌ عَن عَيْنٍ أَو مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ إذَا كَانَ الْعَاصِي قَد اسْتَوْفَى الْعِوَضَ.
وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَو بَاع ذِمِّيٌّ لِذِمِّيّ خَمْرًا سِرًّا: فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِن ذَلِكَ، وَإِذَا تَقَابَضَا جَازَ أَنْ يُعَامِلَهُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِن ثَمَنِ الْخَمْرِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: "وَلُّوهُم بَيْعَهَا وَخُذوا مِنْهُم أَثْمَانَهَا". ٢٨ - ٦٦٧
٣٦٠٧ - إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم، ثم تاب والعوض بيده.
فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح.
وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به، ولا يدفعه إلى من أخذه منه. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. المستدرك ١/ ١٤٨
(١) رواه أبو داود (١٧٠٩)، وصحَّحه الألباني.