حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ الْمأْثُورُ عَن الصَّحَابَةِ كعَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَن حَرِيرَةٍ بِيعَتْ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اُشْتُرِيَتْ بِأَقَلَّ، فَقَالَ: دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ دَخَلَتْ بَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ.
فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ تَارَةً يَشْتَرِي السِّلْعَةَ لِيَنْتَفِعَ بِهَا، وَتَارَةً يَشْتَرِيهَا لِيَتَّجِرَ بِهَا، فَهَذَانِ جَائِزَانِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَتَارَةً لَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ إلَّا أَخْذَ دَرَاهِمَ، فَيَنْظُرُ كَمْ تُسَاوِي نَقْدًا فَيَشْتَرِي بِهَا إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ بِنَقْد، فَمَقْصودُهُ الْوَرِقُ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ.
وَفِي السُّنَنِ عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ لِمَن بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ: "فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَو الرَّبَا" (١)، وَهَذَا إنْ تَوَاطَآ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثُمَّ يَبْتَاعُ، فَمَا لَهُ إلَّا الْأَوْكَسُ وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَقَلُّ أَو الرِّبَا. ٢٩/ ٤٤٦ - ٤٤٧
٣٦٣٣ - قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي ابْنِ اللتبية الْعَامِلِ الَّذِي قَبِلَ الْهَدَايَا لَمَّا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَأُهْدِيَ إلَيْهِ هَدَايَا فَلَمَّا رَجَعَ حَاسَبَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى مَا أَخَذَ وَأُعْطي .. فَقَالَ ابْنُ اللتبية: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بَالُ الرَّجُلِ نَسْتَعْمِلُهُ عَلَى الْعَمَلِ مِمَّا وَلَّانَا اللهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، أفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ " .. مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ (٢).
فَلَمَّا كَانَ الْمُعْطُونَ الْمُهْدُونَ إنَّمَا أَعْطَوْهُ وَأَهْدَوْا إلَيْهِ لأجْلِ وِلَايَتِهِ جُعِلَ ذَلِكَ مِن جُمْلَةِ الْمَالِ الْمُسْتَحَقّ لِأَهْلِ الصَّدَقَاتِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبِ أَمْوَالِهِمْ قُبِضَ وَلَمْ يُخَصَّ بِهِ الْعَامِلُ الَّذِي قَبَضَهُ. ٣٠/ ٣٥٣ - ٣٥٤
* * *
(١) رواه أبو داود (٣٤٦١).
(٢) البخاري (٦٦٣٦)، ومسلم (١٨٣٢).