وَقِيلَ: نُهِيَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَالْقَرْضُ إذَا جَرَّ مَنْفَعَةً كَانَ رِبًا.
وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ رَأَى النَّفْعَ بِأَمْنِ خَطَرِ الطَّرِيقِ فِي نَقْلِ دَرَاهِمِهِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَقَد انْتَفَعَ الْمُقْتَرِضُ أَيْضًا بِالْوَفَاءِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ وَأَمِنَ خَطَرَ الطَّرِيقِ، فَكِلَاهُمَا مُنْتَفِعٌ بِهَذَا الِاقْتِرَاضِ، وَالشَّارعُ لَا يَنْهَى عَمَّا يَنْفَعُهُم وَيُصْلِحُهُم وَإِنَّمَا يَنْهَى عَمَّا يَضُرُّهُمْ. ٢٩/ ٥٣٠ - ٥٣١
٣٦٧١ - يَجُوزُ قَرْضُ الدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ إذَا كَانَت مُتَسَاوِيَةَ الْغِشِّ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْغِشُّ مُتَفَاوِتًا يَسِيرًا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَرْضُ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا مِن الْحُبُوبِ وَإِن كَانَت مَغْشُوشَةً بِالتُّرَابِ وَالشَّعِيرِ؛ فَإِنَّ "بَابَ الْقَرْضِ" أَسْهَلُ مِن "بَابِ الْبَيْعِ".
وَلهَذَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ قَرْضُ الْخُبْزِ عَدَدًا، وَقَرْضُ الْخَمِيرِ وَإِن كَانَ لَا يَجُوزُ عَدَدًا.
وَيجُوزُ فِي الْقَرْضِ أَنْ يَرُدَّ خَيْرًا مِمَّا اقْتَرَضَ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا اسْتَلَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعِيرًا وَرَدَّ خَيْرًا مِنْهُ.
وَكَذَلِكَ يَجُوزُ قَرْضُ الْبَيْضِ وَنَحْوِهِ مِن الْمَعْدُودَاتِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - اقْتَرَضَ حَيَوَانًا، وَالْحَيَوَانُ أَكْثَرُ اخْتِلَافًا مِن الْبَيْضِ. ٢٩/ ٥٣١ - ٥٣٢
* * *
(بَابُ الرَّهْنِ) (١)
٣٦٧٢ - يجوز رهن العبد المسلم من كافر بشرط كونه في يد مسلم. المستدرك ٤/ ٢١
(١) الرَّهن اصطلاحًا: توثقة دَين بعين يمكن استيفاؤه أو بعضه منها أو من بعضها.
قال العلَّامة ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ: قولنا: "توثقة دين بعين" يفيد أنه لا بد أن يكون الرهن عينًا؛ لأن الاستيفاء الكامل لا يكون إلا بالعين، فإن كان منافع أو دينًا فإنه لا يصح على كلام الفقهاء. =