فَأجَابَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُوَفِّيَ مِن مَالِ هَذَا الْقِرَاضِ شَيْئًا مِن الدَّيْنِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى الْعَامِلِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ. ٣٠/ ٨٨ - ٨٩
٣٨٠٧ - وَسُئِلَ -رحمه الله-: هَل يَجُوزُ لِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِن مَالِ الْمُقَارِضِ (١) حَضَرًا أَو سَفَرًا؟
فَأَجَابَ: إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ فِي النَّفَقَةِ جَازَ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُنَاكَ عُرْفٌ وَعَادَةٌ مَعْرُوفَة بَيْنَهُم وَأَطْلَقَ الْعَقْدَ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى تِلْكَ الْعَادَةِ.
وَأَمَّا بِدُونِ ذَلِكَ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوز.
وَمِن الْعُلَمَاءِ مَن يَقُولُ: لَهُ النَّفَقَةُ مُطْلَقًا وَإِن لَمْ يَشْتَرِطْ كَمَا يَقُولُهُ أبُو حَنيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعيِّ فِي قَوْلٍ.
وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا نَفَقَةَ بِحَالٍ وَلَو شَرَطَهَا (٢).
وَحَيْثُ كَانَت لَهُ النَّفَقَةُ فَلَيْسَ لَهُ النَّفَقَةُ إلاَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَمَّا الْبَسْطُ الْخَارجُ عَن الْمَعْرُوفِ فَيَكُونُ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ. ٣٠/ ٩٠
* * *
(بَابُ الْمُسَاقَاةِ والْمُزَارَعَةَ)
٣٨٠٨ - فَصْلٌ: قَد ذَكَرْت فِيمَا تَقَدَّمَ مِن الْقَوَاعِدِ: أَنَّ "الْمُسَاقَاةَ وَالْمُزَارَعَةَ وَالْمُضَارَبَةَ" وَنَحْو ذَلِكَ: نَوْعٌ مِن الْمُشَارَكَاتِ، وَبَيَّنْت بَعْضَ مَا دَخَلَ مِن الْغَلَطِ عَلَى مَن اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ مِن الْمُعَاوَضَاتِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، حَتَّى حَكَّمَ فِيهَا أَحْكَام الْمُعَاوَضَاتِ، وَبَيَّنْت جَوَازَ الْمُزَارَعَةِ بِبَذْر مِن الْمَالِكِ أَو مِن الْعَامِلِ كَمَا جَاءَت بِهِ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالْقِيَاسُ الْجَلِيُّ.
فَإِنْ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا بِهَدِيَّة إلَى الْآخَرِ؛ مِثْل أَنْ يُهْدِيَ الْعَامِلُ فِي الْمُضَارَبَةِ
(١) أي: الْمُضارب.
(٢) والشيخ اختار القول الوسط، وهو الجواز إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ فِي النَّفَقَةِ، أو هناك عُرْفٌ وَعَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ.