وَامَّا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَاشِيَةِ هُوَ الَّذِي يَعْلِفُهَا وَيَسْقِيهَا وَيُؤْوِيهَا، وَطَالِبُ اللَّبَنِ لَا يَعْرِفُ إلاَّ لَبَنَهَا وَقَد اسْتَأْجَرَهَا تُرْضِعُ سِخَالًا لَهُ فَهُوَ مِثْلُ إجَارَةِ الظِّئْرِ.
وَإِذَا كَانَ لِيَأخُذَ اللَّبَنَ هُوَ، فَهُوَ يُشْبِهُ إجَارَةَ الظِّئْرِ لِلرِّضَاعِ الْمُطْلَقِ، لَا لِإِرْضَاعِ طِفْل مُعَيَّنٍ، وَهَذَا قَد يُسَمَّى بَيْعًا وَيُسَمَّى إجَارَةً، وَهُوَ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ.
وَإِذَا قِيلَ: هُوَ بَيْعُ مَعْدُومٍ.
قِيلَ: نَعَمْ، وَلَيْسَ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ مَا يَنْهَى عَن بَيْعِ كُلِّ مَعْدُومٍ؛ بَل الْمَعْدُومُ الَّذِي يُحْتَاجُ إلَى بَيْعِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي الْعَادَةِ: يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوَّ صَلَاحِهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يَصِحُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ، مَعَ أَنَّ الْأَجْزَاءَ الَّتِي تُخْلَقُ بَعْدُ مَعْدُومَةٌ وَقَد دَخَلَتْ فِي الْعَقْدِ. ٣٠/ ١٩٧ - ٢٠٠
٣٨٤٩ - يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ الْأَعْمَى وَاشْتِرَاؤُهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يُوصَفَ لَهُ الْمَبِيعُ وَالْمُسْتَأْجَرُ، فَإِنْ وَجَدَهُ بِخِلَافِ الصَّفَةِ فَلَهُ الْفَسْخُ. ٣٠/ ٢٠١
٣٨٥٠ - الشَّمْعُ إذَا أعْطَاهُ لِمَن يُوقِدُهُ وَقَالَ: كُلَّمَا نَقَصَ مِنْهُ أُوقِيَّةٌ بِكَذَا: جَائِزٌ، وَلَيْسَ هَذَا مِن بَابِ الْإِجَارَاتِ، وَلَا بَابِ الْبَيْعِ اللَّازِم؛ فَإِنَّ الْبَيْعَ اللَّازِمَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيع فِيهِ مَعْلُومًا؛ بَل هَذَا مُعَاوَضَةٌ جَائِزَةٌ لَا لَازِمَةٌ، كَمَا لَو قَالَ: اُسْكُنْ فِي هَذِهِ الدَّارِ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمِ وَلَمْ يُوَقِّتْ أَجَلًا، فَإِنَّ هَذَا جَائِزٌ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ.
فَمَسْأَلَةُ الْأَعْيَانِ نَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْألَةِ فِي الْمَنَافِعِ، وَهُوَ إذْنٌ فِي الإِتْلَافِ عَلَى وَجْهِ الِانْتِفَاعِ بِعَرَض. ٣٠/ ١٩٥ - ١٩٦
٣٨٥١ - لَو ادَّعَى الْمُزْدَرعُ أَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَ بِطَرِيقِ الْعَارَيةِ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ: بَل بِطَرِيقِ الْإِجَارَةِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبَّ الْأَرْضِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ: مَالِكٌ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ.