وَجْهٍ يَمْنَعُ بَعْضَ الزِّرَاعَةِ أَو نُشُوءَ الزَّرْعِ: مَلَكَ فَسْخَ الْإِجَارَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ كَالْعَيْبِ فِي الْبَيْعِ، وَلَمْ تَبْطُلْ بِهِ الْإِجَارَةُ.
وَإِن تَعَطَّلَ نَفْعْهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ: لَزِمَهُ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ كَمَا قَالَ الخرقي.
فَإِنْ جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجُرُ الْمُسْتَأْجِرَ عَن مَنْفَعَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ: لَزِمَهُ مِن الْأُجْرَةِ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ.
فَصْلٌ
إذَا تَبَيَّنَ هَذَا: فَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرضى لِلزَّرْعِ فَقَد يَنْقَطِعُ الْمَاءُ عَنْهَا أَو تَغْرَقُ قَبْلَ الزَّرْعِ (١)، أَو يُصِيبُ الزَّرْعَ آفَةٌ بَعْدَ زَرْعِهَا وَقَبْلَ وَقْتِ الْحَصَادِ، فَمَا الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ؟
الْمَنْصُوصُ عَن أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ وَغَيْرِهِمْ فِي انْقِطَاعِ الْمَاءِ: أَنَّ انْقِطَاعَهُ بَعْدَ الزَّرْعِ كَانْقِطَاعِهِ قَبْلَهُ، إنْ حَصَلَ مَعَهُ بَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَجَبَ مِن الْأُجْرَةِ بِقِسْطِ ذَلِكَ (٢). وَهَذَا نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: حُصُولُ الْمَنْفَعَةِ فِي بَعْضِ زَمَنِ الْإِجَارَةِ أَو بَعْضِ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَهَذَا تَسْقُطُ فِيهِ الْأُجْرَةُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَيَجِبُ بِقِسْطِ مَا حَصَلَ مِن الْمَنْفَعَةِ، وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ مَقْسُومَةً عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ؛ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَد يَكُونُ مُتَمَاثِلًا وَقَد يَكُونُ مُخْتَلِفًا، بِأَنْ يَكُونَ بَعْضُ الْأَرْضِ خَيْرًا مِن بَعْضٍ، وَكَرْيُ بَعْضِ فُصُولِ السُّنَّةِ أَغْلَى مِن بَعْضٍ.
وَالثَّانِي: نَقْصُ الْمَنْفَعَةِ فِي نَفْسِ الْمَكَانِ الْوَاحِدِ وَالزَّمَانِ الْوَاحِدِ؛ مِثْل أَنْ يَقِلَّ مَاءُ السَّمَاءِ عَن الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَو يَحْصُلُ غَرَقٌ يُنْقِصُ الزَّرْعَ وَنَحْو ذَلِكَ، فَهُنَا لِأَصْحَابِنَا وَجْهَانِ:
(١) في الأصل هنا: وَقَد يَنْقَطِعُ الْمَاءُ عَنْهَا أو تَغْرَقُ .. وهي زيادة كما نبَّه عليها صاحب كتاب: صيانة فتاوى شيخ الإسلام.
(٢) فعَلَيْهِ مِن الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا حَصَلَ لَهُ مِن الْمَنْفَعَةِ.