٣٩٥٨ - إِنَّ الْغَاصِبَ إذَا قَبَضَ مِنَ الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ نَصِيبَ أَحَدِ الشَّرِيكيْنِ كَانَ ذَلِكَ مِن مَالِ ذَلِكَ الشَّرِيكِ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ أَخْذَ مَالِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ. ٣٠/ ٣٤٥
٣٩٥٩ - مَا حَصَلَ بِسَبَبِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ مِنَ الْمَغَارِمِ الَّتِي تُؤْخَذُ ظُلْمًا أَو غَيْرَ ظُلْمٍ: فَهِيَ عَلَى الْمَالِ جَمِيعِهِ لَا يَخْتَصُّ بِهَا بَعْضُهُم. ٣٠/ ٣٩١
* * *
(حكم الضرائب والعمل بها إذا كان مُجْتَهِدًا فِي الْعَدْلِ وَرَفْعِ الظُّلْمِ)
٣٩٦٠ - هَذِهِ الْكُلَفُ (١) الَّتِي تُطْلَبُ مِن النَّاسِ بِحَقٍّ أَو بِغَيْرِ حَقٍّ (٢): يَجِبُ الْعَدْلُ فِيهَا، وَيَحْرُمُ أَنْ يُوَفَّرَ فِيهَا بَعْضُ النَّاسِ وَيُجْعَلَ قِسْطُهُ عَلَى غَيْرِهِ.
وَمَن قَامَ فِيهَا بِنِيَّةِ الْعَدْلِ وَتَخْفِيفِ الظُّلْمِ مَهْمَا أَمْكَنَ وَإِعَانَةِ الضَّعِيفِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ الظُّلْمُ عَلَيْهِ بِلَا نِيَّةِ إعَانَةِ الظَّالِمِ: كَانَ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ إذَا تَحَرَّى الْعَدْلَ وَابْتَغَى وَجْهَ اللهِ (٣). ٣٠/ ٣٣٦
٣٩٦١ - أَمَّا الْفُقَهَاءُ الْأَئِمَّةُ الَّذِينَ يُفْتَى بِقَوْلِهِمْ فَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُم جَوَازَ ذَلِكَ أي: الْجِهَاتُ السُّلْطَانِيَّة، وَلَكِنْ فِي أَوَائِلِ الدَّوْلَةِ "السَّلْجُوقِيَّةِ" أَفْتَى طَائِفَةٌ مِن الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَحَكى أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَقَد كَانَ نُورُ الذينِ مَحْمُود الشَهِيدُ (٤) التُّرْكِيُّ قَد
(١) تُسمى: الضرائب، والمكوس، والْجِهَاتُ السُّلْطَانِيَّة.
(٢) أثبت الشيخ أن بعض الضرائب تكون بحق وبعضها بدون حق، والذي يظهر -والعلم عند الله- أنّ الكُلف التي تكون بحق، هي المال المأخوذ من التجار لمصلحة الدين كالجهاد أو الدنيا كإعانة الفقراء.
والكُلف التي تكون بغير حق ما خلا من ذلك.
(٣) مع أنها في بعض الأحوال حرام، كالتي تُؤخذ بلا حق، ومع ذلك جعل شيخ الاسلام آخذها بنيّة العدل وتخفيف الظلم كالمجاهد في سبيل الله تعالى، فهذا يدل على أهمية النية الصالحة، ومراعاة المصالح والمقاصد الشرعيّة.
(٤) أطلق الشيخ رحمهُ اللهُ اسم الشهيد على نور الدين، فمن مات في سبيل الله تعالى وهو يُقاتل الكفار فيجوز إطلاق اسم الشهيد عليه.