فَأَجَابَ: أَمَّا إذَا قَصَد (١) مُلْكَ قَبْضهِ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَلَا إثْمَ.
وَإِن قَصَدَ أَنَّهُ مَلَكَهُ الْمِلْكَ الْمَعْرُوفَ فَهَذَا كَذِبٌ، لَكِنَّهُ إذَا اعْتَقَدَ جَوَازَ هَذَا لِدَفْعِ الظُّلْمِ، وَفِي الْمَعَارِيضِ مَنْدُوحَةٌ عَن الْكَذِبِ، وَلْيَسْتَغْفِر اللهَ مِن ذَلِكَ وَيَتُبْ (٢) إلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. ٣٠/ ٣٩٤
* * *
(حكم الِاقْتِرَاضِ مِن الْوَدِيعَةِ بِلَا إذْنِ صاحبها؟)
٣٩٨٩ - أَمَّا الِاقْتِرَاضُ مِن مَالِ الْمُودِعِ: فَإِنْ عَلِمَ الْمُودَعُ عِلْمًا اطْمَأَنَّ إلَيْهِ قَلْبُهُ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ رَاضٍ بِذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَهَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ مِن رَجُلٍ اخْتَبَرْتَه خِبْرَةً تَامَّةً، وَعَلِمْت مَنْزِلَتَك عِنْدَهُ، كَمَا نُقِلَ مِثْلُ ذَلِكَ عَن غَيْرِ وَاحِدٍ، وَكَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَفْعَلُ فِي بُيُوتِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَكَمَا بَايَعَ عَن عُثْمَانَ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ غَائِبٌ.
وَمَتَى وَقَعَ فِي ذَلِكَ شَكٌ: لَمْ يَجُزْ الِاقْتِرَاضُ (٣). ٣٠/ ٣٩٤ - ٣٩٥
* * *
(ما الحكم إذا ادَّعَى الْمُودَع أَنَّ الْوَدِيعَةَ ذَهَبَتْ دُونَ مَالِهِ؟)
٣٩٩٠ - إذَا ظَهَرَ أَنَ الْمَالَ الَّذِي لِلْمُودِعِ لَمْ يَذْهَبْ، فَادَّعَى أي: الْمُودَع أَنَّ الْوَدِيعَةَ ذَهَبَتْ دُونَ مَالِهِ: فَهُنَا يَكُونُ ضَامِنًا لِلْوَدِيعَةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ؛ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ فَإِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- ضَمَّنَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَدِيعَةً ادَّعَى أَنَّهَا ذَهَبَتْ دُونَ مَالِهِ.
(١) ما بين المعقوفتين ليس في الأصل، والمعنى لا يستقيم إلا به.
(٢) هكذا في النسخة التي حققها: أنور الباز - عامر الجزار، وهي الصواب؛ لأنها معطوفة على مجزوم، وفي نسخة الملك فهد والنسخة القديمة: (ويتوب).
(٣) ولا يدخل في ذلك من أودع زكاةً ليصرفها إلى مستحقّها، فلا يجوز له الاقتراض منها مطلقًا؛ لتعلق حق الفقراء بها، ووجوب صرفها على الفور.